ابْنُ الأَثير فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا صُورَتُهُ: وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: فَطَفِقَ يُجَمِّحُ إِلى الشَّاهِدِ النَّظَرَ
أَي يُدِيمُهُ مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى وكأَنه، وَاللَّهُ أَعلم، سَهْوٌ، فإِن الأَزهري وَالْجَوْهَرِيَّ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرُوهُ فِي حَرْفِ الْحَاءِ قَبْلَ الْجِيمِ، وَفَسَّرُوهُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْحَاءِ. وَقَدْ سَمَّوْا جَمَّاحاً وجُمَيْحاً وجُمَحاً: وَهُوَ أَبو بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ.
جملح: جَمْلَحَ رأْسَه: حَلَقَه.
جنح: جَنَحَ إِليه «٣» يَجْنَحُ ويَجْنُحُ جُنُوحاً، واجْتَنحَ: مالَ، وأَجْنَحَه هُوَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَمَرَّ بالطيرِ مِنْهُ فاحِمٌ كَدِرٌ، ... فِيهِ الظِّباءُ وَفِيهِ العُصْمُ أَجْناحُ
إِنما هُوَ جَمْعُ جَانِحٍ كَشَاهِدٍ وأَشهاد، وأَراد مَوائِلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ خِفَّةً فاجْتَنحَ عَلَى أُسامة حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ
أَي خَرَجَ مَائِلًا مُتَّكِئًا عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَقمت الشَّيْءَ فَاسْتَقَامَ. واجْتَنَحْتُه أَي أَمَلته فَجَنَحَ أَي مَالَ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها
؛ أَي إِن مَالُوا إِليك «٤» فَمِلْ إِليها، والسِّلْمُ: المُصالحة، وَلِذَلِكَ أُنثت؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ يَصِفُ السَّحَابَ:
وسَحَّ كلُّ مُدْجنٍ سَحَّاحِ، ... يَرْعُدُ في بِيضِ بَيضِ الذُّرَى جُنَّاحِ
قَالَ الأَصمعي: جُنَّاح دَانِيَةٌ مِنَ الأَرض، وَقَالَ غَيْرُهُ: جُنَّاح مَائِلَةٌ عَنِ الْقَصْدِ. وجَنَحَ الرجلُ واجْتَنَحَ: مَالَ عَلَى أَحد شقَّيه وَانْحَنَى فِي قَوْسِه. وجُنُوح اللَّيْلِ: إِقباله. وجَنَحَ الظلامُ: أَقْبلَ الليلُ. وجَنَحَ الليلُ يَجْنَحُ جُنُوحاً: أَقبل. وجُنْحُ اللَّيْلِ وجِنْحُه: جانِبُه، وَقِيلَ: أَوَّله، وَقِيلَ: قِطْعَةٌ مِنْهُ نَحْوَ النِّصْفِ، وجُنْحُ الظَّلَامِ وجِنْحُه لُغَتَانِ، ويقال: كأَنه جُنْحُ جِنْحُ لَيْلٍ يُشَبَّه بِهِ العَسْكَرُ الْجَرَّارُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتَجنح الليلُ فاكْفِتُوا صِبيانكم
؛ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ أَوَّل اللَّيْلِ. وجِنْحُ الطَّرِيقِ «٥»: جَانِبُهُ؛ قَالَ الأَخْضَر بْنُ هُبَيْرة الضَّبّي:
فَمَا أَنا يومَ الرَّقْمَتَيْنِ بِناكِلٍ، ... وَلَا السيفُ إِن جَرَّدْتُه بكَلِيلِ
وَمَا كنتُ ضَغَّاطاً، ولكنَّ ثَائِرًا ... أَناخَ قَلِيلًا، عِنْدَ جِنْحِ سَبيلِ
وجِنْحُ الْقَوْمِ: ناحيتُهم وكَنَفُهم؛ وَقَالَ:
فَبَاتَ بِجِنْحِ القومِ حَتَّى إِذا بَدَا ... لَهُ الصُّبْحُ، سَامَ القومَ إِحدى المَهالكِ
وجَناحُ الطَّائِرِ: مَا يَخْفِق بِهِ فِي الطَّيَرَانِ، وَالْجَمْعُ أَجْنِحة وأَجْنُحٌ. وجَنَحَ الطائرُ يَجْنَحُ جُنُوحاً إِذا كَسَرَ مِن جَناحَيْه ثُمَّ أَقبل كَالْوَاقِعِ اللَّاجِئِ إِلى مَوْضِعٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الطيرَ العِتاقَ يَظَلْنَ مِنْهُ ... جُنُوحاً، إِنْ سَمِعْنَ لَهُ حَسِيسا
وجَناحا الطَّائِرِ: يَدَاهُ. وجَناحُ الإِنسان: يَدُه. ويد الإِنسان: جَناحاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
؛ أَي أَلِنْ لَهُمَا جانِبَكَ. وَفِيهِ: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
؛ قال
(٣). قوله جنح إِليه إلخ بابه منع وضرب ونصر كما في القاموس.
(٤). قوله مالوا إليك هكذا في الأَصل والأَمر سهل.
(٥). قوله وجنح الطريق إلخ هذا وما بعده بكسر الجيم لا غير، كما هو ضبط الأَصل. ومفاد الصحاح والقاموس وفي المصباح: وجنح الليل، بضم الجيم وكسرها، ظلامه واختلاطه، ثم قال: وجنح الطريق، بالكسر، جانبه.