وشاهدنا أَيْضا من يقلقه الصداع الشَّديد ويمنعه الْقُرْآن (١)، فَيكْتب لَهُ صُورَة لوح، وعَلى جوانبه تاءات ارْبَعْ، فَيبرأ بذلك من الصداع.
وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الرّطبَة إِذا اسْتعْملت رقى، أَو كِتَابَة، أَو سقيا، قوت الْمِنَّة وادامت الصِّحَّة وقوت على الباه، وَإِذا كتبت للصَّغِير حسن نَبَاته، وَهِي اوتار الْحُرُوف كلهَا، وَكَذَلِكَ الْحُرُوف الْبَارِدَة الْيَابِسَة، إِذا عولج بهَا من نزف دم بسقي، أَو كِتَابَة، أَو بخور، وَنَحْو ذَلِك من الامراض.
وَقد ذكر الشَّيْخ محيي الدّين بن الْعَرَبِيّ، فِي كتبه، من ذَلِك، جملا كَثِيرَة.
وَقَالَ الشَّيْخ عَليّ الحرالي رَحمَه الله: إِن الْحُرُوف الْمنزلَة اوائل السُّور وعدتها، بعد اسقاط مكررها، اربعة عشر حرفا، وَهِي: الالف وَالْهَاء والحاء والطاء وَالْيَاء وَالْكَاف وَاللَّام وَالْمِيم وَالرَّاء وَالسِّين وَالْعين وَالصَّاد وَالْقَاف وَالنُّون، قَالَ: إِنَّهَا يقْتَصر بهَا على مداواة السمُوم، وتقاوم السمُوم باضدادها، فيسقى للدغ الْعَقْرَب حارها، وَمن نهشة الْحَيَّة باردها الرطب، أَو تكْتب لَهُ، وتجري المحاولة، فِي الامور، على نَحْو من الطبيعة فتسقى الْحُرُوف الحارة الرّطبَة للتفريح وإذهاب الْغم، وَكَذَلِكَ الحارة الْيَابِسَة لتقوية الْفِكر وَالْحِفْظ، والباردة الْيَابِسَة الثَّبَات وَالصَّبْر، والباردة الرّطبَة لتيسير الامور وتسهيل الْحَاجَات وَطلب الصفح وَالْعَفو.
وَقد صنف البعلبكي فِي خَواص الْحُرُوف كتابا مُفردا، وَوصف لكل حرف خاصية يَفْعَلهَا بِنَفسِهِ، وخا صية بمشاركة غَيره من الْحُرُوف على اوضاع مُعينَة فِي كِتَابه، وَجعل لَهَا نفعا بمفردها على الصُّورَة الْعَرَبيَّة، ونفعا بمفردها، إِذا كتبت على الصُّورَة الْهِنْدِيَّة، ونفعا بمشاركتهما فِي الْكِتَابَة، وَقد اشْتَمَل من الْعَجَائِب على مَا لَا يعلم مِقْدَاره الا من علم مَعْنَاهُ.
وَأما اعمالها فِي الطلسمات فان لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهَا سرا عجيبا، وصنعا جميلا، شاهدنا صِحَة اخبارها، وَجَمِيل آثارها.
وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع الاطالة بِذكر مَا جربناه مِنْهَا ورأيناه من التَّأْثِير عَنْهَا، فسبحان مسدي النِّعْمَة، ومؤتى الْحِكْمَة، الْعَالم بِمن خلق، وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير.
(١) قَوْله " الْقُرْآن " كَذَا بالنسخ وَلَعَلَّ الاظهر الْقَرار.
(*)