يُضْرَبُ عَلَى أَعمدة كَثِيرَةٍ فَيُقَالُ لأَهْلِه: عَلَيْكُمْ بأَهْل ذَلِكَ الْعَمُودِ، وَلَا يُقَالُ: أَهل العَمَد؛ وأَنشد:
وَمَا أَهْلُ العَمُودِ لَنَا بأَهْلٍ، ... وَلَا النَّعَمُ المُسامُ لَنَا بمالِ
وَقَالَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ
قَالَ: الْعَمَدُ أَساطين الرُّخَامِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
؛ قُرِئَتْ فِي عُمُدٍ، وَهُوَ جَمْعُ عِمادٍ وعَمَد، وعُمُد كَمَا قَالُوا إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ وَمَعْنَاهُ أَنها فِي عَمَدٍ مِنَ النَّارِ؛ نَسَبَ الأَزهري هَذَا الْقَوْلَ إِلى الزَّجَّاجِ، وَقَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العَمَد والعُمُد جَمِيعًا جَمْعَانِ لِلْعَمُودِ مِثْلُ أَديمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ وقَضيم وقَضَمٍ وقُضُمٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ إِنها بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا أَي لَا تَرَوْنَ تِلْكَ الْعَمَدَ، وَقِيلَ خَلَقَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ وَكَذَلِكَ تَرَوْنَهَا؛ قَالَ: والمعنى في التفسير يؤول إِلى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ تأْويل بِغَيْرِ عَمْدٍ تَرَوْنَهَا التأْويل الَّذِي فُسِّرَ بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا، وَتَكُونُ الْعَمَدُ قُدْرَتَهُ الَّتِي يُمْسِكُ بِهَا السَّمَاوَاتِ والأَرض؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه خَلَقَهَا مَرْفُوعَةً بِلَا عَمَدٍ وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَ الرُّؤْيَةِ إِلى خَبَرٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ خَلَقَهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَ تِلْكَ الْعَمَدَ؛ وَقِيلَ: الْعَمَدُ الَّتِي لَا تُرَى قُدْرَتُهُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَنكم لَا تَرَوْنَ الْعَمَدَ وَلَهَا عَمَدٌ، وَاحْتَجَّ بأَن عَمَدَهَا جَبَلُ قَافٍ الْمُحِيطُ بِالدُّنْيَا وَالسَّمَاءُ مِثْلُ الْقُبَّةِ، أَطرافها عَلَى قَافٍ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَيُقَالُ: إِن خُضْرَةَ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ فَيَصِيرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا تَحْشُرُ النَّاسَ إِلى الْمَحْشَرِ. وعَمُودُ الأُذُنِ: مَا اسْتَدَارَ فَوْقَ الشَّحْمَةِ وَهُوَ قِوامُ الأُذن الَّتِي تَثْبُتُ عَلَيْهِ وَمُعْظَمُهَا. وَعَمُودُ اللِّسَانِ: وسَطُه طُولًا، وعمودُ الْقَلْبِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ عِرْقٌ يَسْقِيهِ، وَكَذَلِكَ عَمُودُ الكَبِد. وَيُقَالُ للوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْر، وَقِيلَ: عَمُودُ الْكَبِدِ عِرْقَانِ ضَخْمَانِ جَنَابَتَي السُّرة يَمِينًا وَشِمَالًا. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَخَارِجٌ عَمُودُهُ مِنْ كَبِدِهِ مِنَ الْجُوعِ. والعمودُ: الوَتِينُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الجالِبِ قَالَ: يأْتي بِهِ أَحدهم عَلَى عَمُودِ بَطْنِه
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: عَمُودُ بَطْنِهِ ظَهْرُهُ لأَنه يُمْسِكُ الْبَطْنَ ويقوِّيه فَصَارَ كَالْعَمُودِ لَهُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عِنْدِي أَنه كَنَّى بِعَمُودِ بَطْنِهِ عَنِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ أَي أَنه يأْتي بِهِ عَلَى تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ عَلَى ظَهْرِهِ إِنما هُوَ مَثَلٌ، وَالْجَالِبُ الَّذِي يَجْلِبُ الْمَتَاعَ إِلى الْبِلَادِ؛ يقولُ: يُتْرَكُ وبَيْعَه لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ حَتَّى يَبِيعَ سِلْعَتَهُ كَمَا شَاءَ، فإِنه قَدِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ وَالتَّعَبَ فِي اجْتِلَابِهِ وَقَاسَى السَّفَرَ والنصَب. والعمودُ: عِرْقٌ مِنْ أُذُن الرُّهَابَةِ إِلى السَّحْرِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: عَمُودُ الْبَطْنِ شِبْهُ عِرْق مَمْدُودٍ مِنْ لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلى دُوَيْنِ السُّرَّةِ فِي وَسَطِهِ يَشُقُّ مِنْ بَطْنِ الشَّاةِ. وَدَائِرَةُ الْعَمُودِ فِي الْفَرَسِ: الَّتِي فِي مَوَاضِعِ الْقِلَادَةِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَحِبُّهَا. وَعَمُودُ الأَمر: قِوامُه الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ إِلا بِهِ. وَعَمُودُ السِّنانِ: مَا تَوَسَّط شَفْرتَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ النَّاتِئُ فِي وَسَطِهِ. وَقَالَ النَّضْرُ: عَمُودُ السَّيْفِ الشَّطِيبَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ مَتْنِهِ إِلى أَسفله، وَرُبَّمَا كَانَ لِلسَّيْفِ ثَلَاثَةُ أَعمدة فِي ظَهْرِهِ وَهِيَ الشُّطَبُ والشَّطائِبُ. وعمودُ الصُّبْحِ: مَا تَبَلَّجَ مِنْ ضَوْئِهِ وَهُوَ المُسْتَظهِرُ مِنْهُ، وَسَطَعَ عمودُ الصُّبْحِ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وعمودُ النَّوَى: مَا اسْتَقَامَتْ عَلَيْهِ السَّيَّارَةُ مِنْ بَيْتِهِ عَلَى الْمَثَلِ. وَعَمُودُ الإِعْصارِ: مَا يَسْطَعُ مِنْهُ فِي السَّمَاءِ أَو يَسْتَطِيلُ عَلَى وَجْهِ الأَرض.