هنأ: الهَنِيءُ والمَهْنَأُ: مَا أَتاكَ بِلَا مَشَقَّةٍ، اسْمٌ كالمَشْتَى. وَقَدْ هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءَةً: صَارَ هَنِيئاً، مِثْلُ فَقِهَ وفَقُهَ. وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ بِهِ. وهَنَأَنِي الطَّعامُ وهَنَأَ لِي يَهْنِئُنِي ويَهْنَؤُنِي هَنْأً وهِنْأً، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَهْمُوزِ. وَيُقَالُ: هَنَأَنِي خُبْزُ فُلان أَي كَانَ هَنِيئاً بِغَيْرِ تَعَبٍ وَلَا مَشَقَّةٍ. وَقَدْ هَنَأَنا اللهُ الطَّعامَ، وَكَانَ طَعاماً اسْتَهْنَأْناه أَي اسْتَمْرَأْناهُ. وَفِي حَدِيثِ سُجُود السَّهْوِ:
فَهَنَّأَه ومَنَّاه
، أَي ذَكَّره المَهانِئَ والأَمانِي، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعْرِضُ للإِنسان فِي صَلاتِه مِنْ أَحاديثِ النَّفْس وتَسْوِيل الشَّيْطَانِ. وَلَكَ المَهْنَأُ والمَهْنا، وَالْجَمْعُ المَهانِئُ، هَذَا هُوَ الأَصل بِالْهَمْزِ، وَقَدْ يُخَفَّفُ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ أَشْبه لأَجل مَنَّاه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ فِي إِجابةِ صَاحِبِ الرِّبا إِذَا دَعا إِنْسَانًا وأَكَل طَعامه، قَالَ: لَكَ المَهْنَأُ وَعَلَيْهِ الوِزْرُ
أَي يَكُونُ أَكْلُكَ لَهُ هَنِيئاً لَا تُؤَاخَذُ بِهِ ووِزْرُه عَلَى مَنْ كَسَبَه. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ فِي طَعَامِ العُمَّالِ الظَّلَمةِ: لَهُمُ المَهْنَأُ وَعَلَيْهِمِ الوِزر.
وهَنَأَتْنِيهِ العافِيةُ وَقَدْ تَهَنَّأْتُه وهَنِئْتُ الطعامَ، بِالْكَسْرِ، أَي تَهَنَّأْتُ بِهِ. فأَما مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ:
فَارْعَيْ فَزارةُ، لَا هَناكِ المَرْتَعُ
فَعَلَى الْبَدَلِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَيْسَ عَلَى التَّخْفِيفِ؛ وأَمّا مَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مِنْ قَوْلِ الْمُتَمَثِّلِ مِنَ الْعَرَبِ: حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لكِ مَقْرُوع، فأَصله الْهَمْزُ، وَلَكِنَّ الْمَثَلَ يَجْرِي مَجْرى الشِّعر، فَلَمَّا احْتَاجَ إِلَى المُتابَعةِ أَزْوَجَها حَنَّتْ. يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلُ لِمَنْ يُتَّهَم فِي حَديثه وَلَا يُصَدَّقُ. قَالَهُ مازِنُ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمرو بْنِ تَمِيم لابنةِ أَخيه الهَيْجُمانة بنتِ العَنْبَرِ بْنِ عَمْرو بْنِ تَمِيم حِينَ قَالَتْ لأَبيها: إِنّ عبدَ شمس ابنَ سعدِ بْنِ زيْدِ مَناةَ يُرِيدُ أَن يُغِيرَ عَليهم، فاتَّهمها مازِنٌ لأَنَّ عبدَ شَمْسٍ كَانَ يَهْواها وَهِيَ تَهْواه، فَقَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَقَوْلُهُ: حَنَّتْ أَي حنَّت إِلَى عَبْدِ شَمْسٍ ونَزَعَتْ إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: وَلَاتَ هَنَّتْ أَي لَيْسَ الأَمْر حَيْثُ ذَهَبَتْ. وأَنشد الأَصمعي:
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ، أَمْ مَنْ ... جاءَ مِنها بطائِفِ الأَهْوالِ
يَقُولُ لَيْسَ جُبَيْرةُ حَيْثُ ذَهَبْتَ، ايأَسْ مِنْهَا لَيْسَ هَذَا موضِعَ ذِكْرِها. وَقَوْلُهُ: أَمْ مَنْ جاءَ مِنْهَا: يَسْتَفْهِمُ، يَقُولُ مَنْ ذَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْنَا خَيالَها. قَالَ الرَّاعي:
نَعَمْ لاتَ هَنَّا، إنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ
يَقُولُ: لَيْسَ الأَمْرُ حَيْثُ ذَهَبْتَ إِنما قَلْبُكَ مِتْيَحٌ فِي غَيْرِ ضَيْعةٍ. وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: حَنَّتْ إِلَى عاشِقِها، وَلَيْسَ أَوانَ حَنِينٍ، وإِنما هُوَ وَلَا، والهاءُ: صِلةٌ جُعِلَتْ تَاءً، وَلَوْ وَقَفْتَ عَلَيْهَا لَقُلْتَ لَاهْ، فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنْ يَقِفُونَ عَلَيْهَا بِالتَّاءِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سأَلت الكِسائي، فقلتُ: كَيْفَ تَقِف عَلَى بِنْتٍ؟ فَقَالَ: بالتاءِ إِتِّبَاعًا لِلْكِتَابِ، وَهِيَ فِي الأَصل هاءٌ. الأَزهريّ فِي قَوْلِهِ ولاتَ هَنَّتْ: كَانَتْ هاءَ الْوَقْفَةِ ثُمَّ صُيِّرت تَاءً ليُزاوِجُوا بِهِ حَنَّتْ، والأَصل فِيهِ هَنَّا، ثمَّ قِيلَ هَنَّهْ لِلْوَقْفِ. ثمَّ صُيِّرَتْ تَاءً كَمَا قَالُوا ذَيْتَ وذَيْتَ وكَيْتَ وكَيْتَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
وكانَتِ الحَياةُ حيِنَ حُبَّتِ، ... وذِكْرُها هَنَّتْ، ولاتَ هَنَّتِ