وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأَنْ أُزاحِمَ جَملًا قَدْ هُنِئَ بِقَطِران أَحَبُّ إليَّ مِن أَنْ أُزاحِمَ امْرأَةً عَطِرةً.
الْكِسَائِيُّ: هُنِئَ: طُلِيَ، والهِنَاءُ الِاسْمُ، والهَنْءُ الْمَصْدَرُ. وَمِنْ أَمثالهم: لَيْسَ الهِنَاءُ بالدَّسِّ؛ الدَّسُّ أَن يَطْلِيَ الطَّالِيَ مَساعِرَ الْبَعِيرِ، وَهِيَ المَواضِعُ الَّتِي يُسْرِعُ إِلَيْهَا الجَرَبُ مِنَ الآباطِ والأَرْفاغِ وَنَحْوِهَا، فَيُقَالُ: دُسَّ البَعِيرُ، فَهُوَ مَدْسُوسٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرمَّة:
قَرِيعُ هِجانٍ دُسَّ مِنْهَا المَساعِرُ
فإِذا عُمَّ جَسَدُ البعيرِ كلُّه بالهِناءِ، فَذَلِكَ التَّدْجِيلُ. يُضرب مَثَلًا لِلَّذِي لَا يُبالِغ فِي إِحكامِ الأَمْرِ، وَلَا يَسْتَوثِقُ مِنْهُ، ويَرْضَى باليَسِير مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي مَالِ اليَتِيم: إِنْ كنتَ تَهْنَأُ جَرْباها
أَي تُعالِجُ جَرَبَ إِبِلِه بالقَطِران. وهَنِئَتِ الماشيةُ هَنَأً وهَنْأً: أَصابَتْ حَظًّا مِنَ البَقْل مِنْ غَيْرِ أَن تَشْبَعَ مِنْهُ. والهِناءُ: عِذْقُ النَّخلة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، لُغَةٌ فِي الإِهانِ. وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ بِهِ وهَنَأْتُه شَهْرًا أَهْنَؤُه أَي عُلْتُه. وهَنِئَتِ الإِبلُ مِنْ نَبْتٍ أَي شَبِعَتْ. وأَكلْنا مِنْ هَذَا الطَّعامِ حَتَّى هَنِئْنا مِنْهُ أَي شَبِعْنا.
هوأ: هاءَ بِنَفْسِه إِلَى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً: رَفَعَها وسَما بِهَا إِلَى المَعالِي. والهَوْءُ، الهِمَّةُ، وإِنَّه لبَعِيدُ الهَوْءِ، بِالْفَتْحِ، وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة. قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا عاجِزُ الهَوْءِ، وَلَا جَعْدُ القَدَمْ
وَإِنَّهُ لَذُو هَوْءٍ إِذَا كَانَ صائبَ الرَّأْي ماضِياً. وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: يَهْوِي بِنَفْسِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا قامَ الرجلُ إِلَى الصلاةِ، فَكَانَ قَلْبُه وهَوْءُه إِلَى اللهِ انْصَرفَ كَمَا ولَدَتْه أُمُّه.
الهَوْءُ، بِوَزْنِ الضَوْءِ: الهِمَّةُ. وَفُلَانٌ يَهُوءُ بنَفْسِه إِلَى المَعالِي أَي يرْفَعُها ويَهُمُّ بِهَا. وَمَا هُؤْتُ هَوْءَه أَي مَا شَعَرْتُ بِهِ وَلَا أَرَدْتُه. وهُؤْتُ بِهِ خَيْراً فأَنا أَهُوءُ بِهِ هَوْءاً: أَزْنَنْته بِهِ، وَالصَّحِيحُ هُوتُ، كَذَلِكَ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُؤْته بِخَيْرٍ، وهُؤْتُه بِشَرٍّ، وهُؤْتُه بِمَالٍ كَثِيرٍ هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه بِهِ. ووَقَع ذَلِكَ فِي هَوْئي وهوئِي أَي ظَنِّي. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنِّي لأَهُوءُ بِكَ عَنْ هَذَا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عَنْهُ. أَبو عَمْرٍو: هُؤْتُ بِهِ وشُؤْتُ بِهِ أَي فَرِحْتُ بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: هَأَى أَي ضَعُفَ، وأَهَى إِذَا قَهْقَهَ فِي ضَحِكه. وهَاوَأْتُ الرجلَ: فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه. والمُهْوَأَنُّ، بِضَمِّ الْمِيمِ: الصَّحراءُ الْوَاسِعَةُ. قَالَ رُؤْبَةُ:
جاؤُوا بِأُخْراهُمْ عَلَى خُنْشُوشِ، ... فِي مُهْوَأَنٍّ، بالدَّبَى مَدْبُوشِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنًّا، فِي فَصْلِ هَوَأَ، وَهَمٌ مِنْهُ، لأَنَّ مُهْوَأَنًّا وَزْنُهُ مُفْوَعَلٌّ. وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: وَالْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ لأَن الْوَاوَ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بناتِ الأَربعة. والمَدْبُوشُ: الَّذِي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه. وخُنْشُوشٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ