عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لِقَوْلِهِ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ وَجْهَانِ: أَحدهما مَدْحٌ وَالْآخِرُ ذَمٌّ، فَالَّذِي هُوَ مَدْحٌ أَنه لَا يَنَامُ عَنِ الْقُرْآنِ وَلَكِنْ يَتَهَجَّد بِهِ، وَلَا يَكُونُ القرآنُ مُتَوَسَّداً مَعَهُ بَلْ هُوَ يُداوِمُ قِراءتَه ويُحافِظُ عَلَيْهَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَوَسَّدوا الْقُرْآنَ واتْلُوه حَقَّ تُلاوته
، وَالَّذِي هُوَ ذَمٌّ أَنه لَا يقرأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَحْفَظُهُ وَلَا يُديمُ قِرَاءَتَهُ وإِذا نَامَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ، فإِن كَانَ حَمِدَه فَالْمَعْنَى هُوَ الأَوّل، وإِن كَانَ ذمَّه فَالْمَعْنَى هُوَ الْآخَرُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَشبههما أَنه أَثْنَى عَلَيْهِ وحَمِدَه. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ قرأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوسَّداً لِلْقُرْآنِ.
يُقَالُ: تَوَسَّدَ فُلَانٌ ذِراعه إِذا نَامَ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ كالوِسادة لَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ وسَّدَ فلانٌ فُلَانًا وِسادة، وتَوَسَّد وِسادة إِذا وضَع رأْسه عَلَيْهَا، وَجَمْعُ الوِسادِة وسَائِدُ. والوِسادُ: كُلُّ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الرأْس وإِن كَانَ مِن تُرَابٍ أَو حِجَارَةٍ؛ وَقَالَ عَبْدُ بَنِي الْحَسْحَاسِ:
فَبِتْنا وِسادانا إِلى عَلَجانةٍ ... وحِقْفٍ، تَهَادَاهُ الرِّياحُ تَهادِيا
وَيُقَالُ لِلْوِسَادَةِ: إِسادة كَمَا قَالُوا للوِشاحِ: إِشاح. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا وُسِّدَ الأَمرُ إِلى غَيْرِ أَهله فَانْتَظَرِ السَّاعَةَ
أَي أُسْنِدَ وجُعِلَ فِي غَيْرِ أَهله؛ يَعْنِي إِذا سُوِّدَ وشُرِّفَ غيرُ الْمُسْتَحِقِّ لِلسِّيَادَةِ وَالشَّرَفِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ السِّيَادَةِ أَي إِذا وُضعت وِسادةُ المُلْك والأَمر وَالنَّهْيِ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِمَا، وَتَكُونُ إِلى بِمَعْنَى اللَّامِ. والتوسِيد: أَن تَمُدَّ الثِّلَامَ «١» طُولًا حَيْثُ تَبْلُغُهُ الْبَقَرُ. وأَوْسَدَ فِي السَّيْرِ: أَغَذَّ. وأَوْسَدَ الكلبَ: أَغْراه بالصَّيْدِ مِثْلُ آسَدَه.
وصد: الوَصِيدُ: فِناءُ الدَّارِ وَالْبَيْتِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الوَصِيدُ والأَصيدُ لُغَتَانِ مِثْلُ الوِكافِ والإِكافِ وَهُمَا الفِناءُ، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ يُونُسُ والأَخفش. والوَصِيدةُ: بيتٌ يُتخذ مِنَ الْحِجَارَةِ لِلْمَالِ فِي الْجِبَالِ. والوِصادُ: المُطْبَقُ. وأَوْصَدَ البابَ وآصَدَه: أَغْلَقَه، فَهُوَ مُوصَدٌ، مِثْلُ أَوجَعَه، فَهُوَ موجَع. وَفِي حَدِيثِ
أَصحاب الْغَارِ: فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الكَف فأَوْصَدَه
أَي سَدَّه، مِنْ أَوْصَدْت الْبَابَ إِذا أَغلَقْتَه، وَيُرْوَى: فأَوْطَدَه، بِالطَّاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وأَوصَد القِدْرَ: أَطْبَقَها، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا جَمِيعًا الوِصادُ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، وَقُرِئَ مُوصَدة، بِغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: آصَدْتُ وأَوْصَدْتُ إِذا أَطْبَقْتَ، وَمَعْنَى مُؤْصَدةٌ أَي مُطْبَقَةٌ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِصادُ والأَصِيدُ هُمَا بِمَنْزِلَةِ المُطْبَق. يُقَالُ: أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الإِصادَ والوِصادَ والأَصِيدةُ. والوَصِيدة كالحظيرةِ تُتَّخَذُ لِلْمَالِ إِلا أَنها مِنَ الْحِجَارَةِ والحَظِيرةُ مِنَ الغِصنَة. تَقُولُ مِنْهُ: اسْتَوْصَدْتُ فِي الْجَبَلِ إِذا اتَّخَذْتَ الوَصيدة. والمُوَصَّدُ: الخِدْرُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وعُلِّقْتُ لَيْلَى، وهْيَ ذاتُ مُوَصَّدٍ، ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرابِ مِن ثَدْيِها حَجْمُ
وَوَصَدَ النَّسَّاجُ بعضَ الخَيْطِ فِي بَعْضٍ وَصْداً وَوَصَّدَه: أَدْخَلَ اللُّحْمَةَ في السَّدَى. الوصَّادُ: الحائِكُ. وَفِي النَّوَادِرِ: وَصَدْتُ بِالْمَكَانِ أَصِدُ ووَتَدْتُ أَتِدُ إِذا ثَبَتَّ. وَيُقَالُ: وَصَدَ الشيءُ ووَصَبَ أَي ثَبَتَ، فَهُوَ واصِدٌ ووَاصِبٌ، وَمِثْلُهُ الصَّيْهَدُ. والصَّيْهَبُ: الحرُّ الشديدُ. والوصيدُ: النباتُ المتقاربُ الأُصولِ. ووَصَّدَه: أَغراه؛
(١). قوله الثلام كذا بالأَصل.