وَيُقَالُ: قَوْمٌ مُحْصَرُون إِذا حُوصِرُوا فِي حِصْنٍ، وَكَذَلِكَ هُمْ مُحْصَرُون فِي الْحَجِّ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ
. والحِصارُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْصَرُ فِيهِ الإِنسان؛ تَقُولُ: حَصَرُوه حَصْراً وحاصَرُوه؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا
قَالَ يَعْنِي بِالْمَحْصُورِ الْمَحْبُوسَ. والإِحصارُ: أَن يُحْصَر الْحَاجُّ عَنْ بُلُوغِ الْمَنَاسِكِ بِمَرَضٍ أَو نَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
المُحْصَرُ بِمَرَضٍ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ الإِحْصارُ الْمَنْعُ وَالْحَبْسُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَمْنَعُهُ خَوْفٌ أَو مَرَضٌ مِنَ الْوُصُولِ إِلى تَمَامِ حَجِّهِ أَو عُمْرَتِهِ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْهُورًا كَالْحَبْسِ وَالسِّحْرِ وأَشباه ذَلِكَ، يُقَالُ فِي الْمَرَضِ: قَدْ أُحْصِرَ، وَفِي الْحَبْسِ إِذا حَبَسَهُ سُلْطَانٌ أَو قَاهِرٌ مَانِعٌ: قَدْ حُصِرَ، فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَهُمَا؛ وَلَوْ نَوَيْتَ بِقَهْرِ السُّلْطَانِ أَنها عِلَّةٌ مَانِعَةٌ وَلَمْ تَذْهَبْ إِلى فِعْلِ الْفَاعِلِ جَازَ لَكَ أَن تَقُولَ قَدْ أُحْصِرَ الرَّجُلُ، وَلَوْ قُلْتَ فِي أُحْصِرَ مِنَ الوجع والمرض إِن المرض حَصَره أَو الْخَوْفِ جَازَ أَن تَقُولَ حُصِرَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَسَيِّداً وَحَصُوراً
: يُقَالُ: إِنه المُحْصَرُ عَنِ النِّسَاءِ لأَنها عِلَّةٌ فَلَيْسَ بِمَحْبُوسٍ فَعَلَى هَذَا فابْنِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ حَصُورًا لأَنه حُبِسَ عَمَّا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ. وحَصَرَني الشَّيْءُ وأَحْصَرَني: حَبَسَنِي؛ وأَنشد لِابْنِ مَيَّادَةَ:
وَمَا هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ ... عليكَ، وَلَا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ
فِي بَابِ فَعَلَ وأَفْعَلَ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ يُونُسَ أَنه قَالَ: إِذا رُدَّ الرَّجُلُ عَنْ وَجْهٍ يُرِيدُهُ فَقَدْ أُحْصِرَ، وإِذا حُبِسَ فَقَدْ حُصِرَ. أَبو عُبَيْدَةَ: حُصِرَ الرَّجُلُ فِي الْحَبْسِ وأُحْصِرَ فِي السَّفَرِ مِنْ مَرَضٍ أَو انْقِطَاعٍ بِهِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَحصره الْمَرَضُ إِذا مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ أَو مِنْ حَاجَةٍ يُرِيدُهَا وأَحصره الْعَدُوُّ إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ فَحصِرَ أَي ضَاقَ صَدْرُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وحَصَرَهُ العدوّ يَحْصُرُونه يَحْصِرُونه إِذا ضَيَّقُوا عَلَيْهِ وأَحاطوا بِهِ وحاصَرُوه مُحاصَرَةً وحِصاراً. وَقَالَ أَبو إِسحاق: النَّحْوِيُّ: الرِّوَايَةُ عَنْ أَهل اللُّغَةِ أَن يُقَالَ لِلَّذِي يَمْنَعُهُ الْخَوْفُ وَالْمَرَضُ أُحْصِرَ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْمَحْبُوسِ حُصِرَ؛ وإِنما كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لأَن الرَّجُلَ إِذا امْتَنَعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فَقَدْ حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ الْمَرَضَ أَحبسه أَي جَعَلَهُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ، وَقَوْلُكَ حَصَرْتُه إِنَّمَا هُوَ حَبَسْتُهُ لَا أَنه أَحبس نَفْسَهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَحصر؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرُ الْعَدُوِّ
، فَجَعَلَهُ بِغَيْرِ أَلف جَائِزًا بِمَعْنَى قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
؛ قَالَ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً
؛ أَي مَحْبِساً ومَحْصَراً مَحْصِراً. وَيُقَالُ: حَصَرْتُ القومَ فِي مَدِينَةٍ، بِغَيْرِ أَلف، وَقَدْ أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ أَي مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ. وأَصلُ الحَصْرِ والإِحْصارِ: المنعُ؛ وأَحْصَرَهُ المرضُ. وحُصِرَ فِي الْحَبْسِ: أَقوى مِنْ أُحْصِرَ لأَن الْقُرْآنَ جَاءَ بِهَا. والحَصِيرُ: الطَّرِيقُ، وَالْجَمْعُ حُصُرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
لَمَّا رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ، ... ولاحَ مِنْ نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُصُرُ
نُجُدٌ: جَمْعُ نَجْدٍ كَسَحْلٍ وسُحُلٍ. وَعَادِيَّةٌ: قَدِيمَةٌ. وحَصَرَ الشيءَ يَحْصُرُه حَصْراً: اسْتَوْعَبَهُ. والحَصِيرُ: وَجْهُ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَحْصِرَةٌ وحُصُر. والحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع مِنْ بَرْديٍّ وأَسَلٍ ثُمَّ