وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ كَمَا يُقَالُ حاضِرُ طَيِءٍ، وَهُوَ جَمْعٌ، كَمَا يُقَالُ سامِرٌ للسُّمَّار وحاجٌّ للحُجَّاج؛ قَالَ حَسَّانُ:
لَنَا حاضِرٌ فَعْمٌ وبادٍ، كَأَنَّهُ ... قطِينُ الإِلهِ عِزَّةً وتَكَرُّما
وَفِي حَدِيثِ
أُسامة: وَقَدْ، أَحاطوا بِحَاضِرٍ فَعْمٍ.
الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ حَيٌّ حاضِرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، إِذا كَانُوا نَازِلِينَ عَلَى ماءٍ عِدٍّ، يُقَالُ: حاضِرُ بَنِي فلانٍ عَلَى ماءِ كَذَا وَكَذَا، وَيُقَالُ لِلْمُقِيمِ عَلَى الْمَاءِ: حاضرٌ، وَجَمْعُهُ حُضُورٌ، وَهُوَ ضِدُّ الْمُسَافِرِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِلْمُقِيمِ: شاهدٌ وخافِضٌ. وَفُلَانٌ حاضِرٌ بِمَوْضِعِ كَذَا أَي مُقِيمٌ بِهِ. وَيُقَالُ: عَلَى الْمَاءِ حاضِرٌ وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ حُضَّارٌ إِذا حَضَرُوا الْمِيَاهَ، ومَحاضِرُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فالوادِيانِ وكلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ، ... وَعَلَى المياهِ مَحاضِرٌ وخِيامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى بَيْتٍ قَبْلَهُ وَهُوَ:
أَقْوَى وعُرِّيَ واسِطٌ فَبِرامُ، ... مِنْ أَهلِهِ، فَصُوائِقٌ فَخُزامُ
وَبَعْدَهُ:
عَهْدِي بِهَا الحَيَّ الجميعَ، وفيهمُ، ... قبلَ التَّفَرُّقِ، مَيْسِرٌ ونِدامُ
وَهَذِهِ كُلُّهَا أَسماء مَوَاضِعَ. وَقَوْلُهُ: عَهْدِي رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْحَيُّ مَفْعُولٌ بِعَهْدِي وَالْجَمِيعُ نَعْتُهُ، وفيهم قبل التفرق ميسر: جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَقَدْ سَدَّتْ مَسَدَّ خَبَرِ المبتدإِ الَّذِي هُوَ عَهْدِي عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: عَهْدِي بِزَيْدٍ قَائِمًا؛ وَنِدَامِ: يَجُوزُ أَن يَكُونُ جَمْعُ نَدِيمٍ كَظَرِيفٍ وَظِرَافٍ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ نَدْمَانَ كَغَرْثَانَ وَغِرَاثٍ. قَالَ: وحَضَرَةٌ مِثْلُ كَافِرٍ وكَفَرَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
آكِلِ الضَّبِّ: أَنَّى تَحضُرُنِي منَ اللهِ حاضِرَةٌ
؛ أَراد الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ. وحاضِرَةٌ: صِفَةُ طَائِفَةٍ أَو جَمَاعَةٍ. وَفِي حَدِيثِ الصُّبْحِ:
فإِنها مَشْهُودَة مَحْضُورَةٌ
؛ أَي يَحْضُرُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وحاضِرُو المِياهِ وحُضَّارُها: الْكَائِنُونَ عَلَيْهَا قَرِيبًا مِنْهَا لأَنهم يَحْضُرُونها أَبداً. والمَحْضَرُ: المَرْجِعُ إِلى الْمِيَاهِ. الأَزهري: المحضَر عِنْدَ الْعَرَبِ الْمَرْجِعُ إِلى أَعداد الْمِيَاهِ، والمُنْتَجَعُ: المذهبُ فِي طَلَبِ الكَلإِ، وَكُلُّ مُنْتَجَعٍ مَبْدًى، وَجَمْعُ المَبْدَى مَبادٍ، وَهُوَ البَدْوُ؛ والبادِيَةُ أَيضاً: الَّذِينَ يَتَبَاعَدُونَ عَنْ أَعداد الْمِيَاهِ ذَاهِبِينَ فِي النُّجَعِ إِلى مَساقِط الْغَيْثِ وَمَنَابِتِ الكلإِ. والحاضِرُون: الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلى المَحاضِرِ فِي الْقَيْظِ وَيَنْزِلُونَ على الماء العِدِّ ولا يفارقونه إِلى أَن يَقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض يملأُ الغُدْرانَ فَيَنْتَجِعُونَهُ، وَقَوْمٌ ناجِعَةٌ ونواجِعُ وبادِيَةٌ وبوادٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَكُلُّ مَنْ نَزَلَ عَلَى ماءٍ عِدٍّ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا، فَهُوَ حَاضِرٌ، سَوَاءٌ نَزَلُوا فِي القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أَو بَنَوُا الأَخْبِيَةَ عَلَى الْمِيَاهِ فَقَرُّوا بِهَا ورَعَوْا مَا حَوَالَيْهَا مِنَ الكلإِ. وأَما الأَعراب الَّذِينَ هُمْ بَادِيَةٌ فإِنما يَحْضُرُونَ الْمَاءَ العِدَّ شُهُورَ الْقَيْظِ لِحَاجَةِ النَّعَمِ إِلى الوِرْدِ غِبّاً ورَفْهاً وافْتَلَوُا الفَلَوَات المُكْلِئَةَ، فإِن وَقَعَ لَهُمْ رَبِيعٌ بالأَرض شَرِبُوا مِنْهُ فِي مَبْدَاهُمْ الَّذِي انْتَوَوْهُ، فإِن استأْخر القَطْرُ ارْتَوَوْا عَلَى ظُهُورِ الإِبل بِشِفاهِهِمْ وَخَيْلِهِمْ مِنْ أَقرب ماءٍ عِدٍّ يَلِيهِمْ، وَرَفَعُوا أَظْماءَهُمْ إِلى السِّبْعِ والثِّمْنِ والعِشْرِ، فإِن كَثُرَتْ فِيهِ الأَمطار والْتَفَّ العُشْبُ وأَخْصَبَتِ الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلادُ جَزَأَ النَّعَمُ بالرَّطْبِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ، وإِذا عَطِشَ المالُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَرَدَتِ الغُدْرانَ والتَّناهِيَ فشربتْ كَرْعاً وَرُبَّمَا سَقَوْها مِنَ الدُّحْلانِ. وَفِي حَدِيثِ