والخُضْرَةُ فِي أَلوان النَّاسِ: السُّمْرَةُ؛ قَالَ اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، مَنْ يَعْرِفُني؟ ... أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يَقُولُ: أَنا خَالِصٌ لأَن أَلوان الْعَرَبِ السُّمْرَةُ؛ التَّهْذِيبُ: فِي هَذَا الْبَيْتِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الْجِلْدَةِ؛ قَالَ: قَالَهُ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ، وَقِيلَ: أَراد أَنه مِنْ خَالِصِ الْعَرَبِ وَصَمِيمِهِمْ لأَن الْغَالِبَ عَلَى أَلوان الْعَرَبِ الأُدْمَةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لِلَّهَبِيِّ، وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُتْبَة بْنِ أَبي لَهَبٍ، وأَراد بِالْخُضْرَةِ سُمْرَةَ لَوْنِهِ، وإِنما يُرِيدُ بِذَلِكَ خُلُوصَ نَسَبِهِ وأَنه عَرَبِيٌّ مَحْضٌ، لأَن الْعَرَبَ تَصِفُ أَلوانها بِالسَّوَادِ وَتَصِفُ أَلوان الْعَجَمِ بِالْحُمْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعثت إِلى الأَحمر والأَسود
؛ وَهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي أَراده مِسْكِينُ الدَّارِمِيُّ فِي قَوْلِهِ:
أَنا مِسْكِينٌ لِمَنْ يَعْرِفُني، ... لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ مَعْبَدِ بْنِ أَخْضَرَ، وَكَانَ يُنْسَبُ إِلى أَخْضَرَ، وَلَمْ يَكُنْ أَباه بَلْ كَانَ زَوْجَ أُمه، وإِنما هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ ... أَبى الناسُ إِلا أَن يَقُولُوا ابْنَ أَخْضَرا
وَهَلْ لِيَ فِي الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ، ... فآنَفَ مِمَّا يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وَقَدْ نَحَا هَذَا النَّحْوَ أَبو نُوَاسٍ فِي هِجَائِهِ الرَّقَاشِيَّ وَكَوْنِهِ دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِيِّ، ... وَقَدْ سَبَّ الْمَوَالِيَ:
مَا الذي نَحَّاكَ عن ... أَصْلِكَ مِنْ عَمٍّ وخالِ؟
قَالَ لِي: قَدْ كنتُ مَوْلًى ... زَمَناً ثُمَّ بَدَا لِي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى، ... عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ ... بِسَوادِي وهُزالي
والخَضِيرَةُ مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يَنْتَثِرُ بُسْرُها وَهُوَ أَخضر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ:
أَنه لَيْسَ لَهُ مِخْضَارٌ
؛ المِخضارُ: أَن يَنْتَثِرَ الْبُسْرُ أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تَكَادُ تُتِمُّ حَمْلًا حَتَّى تُسْقِطَه؛ قَالَ:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً، ... فَخُذْها عَلَى ذَا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ عَلَى قَدْرِ الذِّبَّان السُّودِ. والخَضْراءُ مِنَ الْكَتَائِبِ نَحْوَ الجَأْواءِ، وَيُقَالُ: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ لِلَّتِي يَعْلُوهَا سَوَادُ الْحَدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
مَرَّ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ
؛ يُقَالُ: كَتِيبَةٌ خَضْرَاءُ إِذا غَلَبَ عَلَيْهَا لِبْسُ الْحَدِيدِ، شَبَّهَ سَوَادَهُ بالخُضْرَةِ، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْخُضْرَةَ عَلَى السَّوَادِ. وفي حديث
الحرث بْنِ الحَكَمِ: أَنه تَزَوَّجَ امرأَة فَرَآهَا خَضْراءَ فَطَلَّقَهَا
أَي سَوْدَاءَ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قُرَيْشٍ
؛ أَي دُهَمَاؤُهُمْ وسوادُهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ.
والخَضْراءُ: السَّمَاءُ لخُضْرَتِها؛ صِفَةٌ غَلَبَتْ غَلَبَةَ الأَسماء. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَظَلَّتِ الخَضْراءُ وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبي ذَرٍّ
؛ الخَضْراءُ: السَّمَاءُ، وَالْغَبْرَاءُ: الأَرض.