وَسَنَذْكُرُهُ إِن شاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الصِّحَاحِ: بَبَّةُ: اسْمُ جَارِيَةٍ، وَاسْتَشْهَدَ بِهَذَا الرَّجَزِ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا سَهْوٌ لأَن بَبَّةَ هَذَا هُوَ لَقَبُ عبدِ اللَّهِ بْنِ الْحَرِثِ بْنِ نَوْفل بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالِي الْبَصْرَةِ، كَانَتْ أُمه لقَّبَتْه بِهِ فِي صِغَره لِكَثْرَةِ لَحْمِه، وَالرَّجَزُ لأُمه هِنْدَ، كَانَتْ تُرَقِّصُه بِهِ تُرِيدُ: لأُنْكِحَنَّه، إِذا بلَغَ، جارِيةً هَذِهِ صِفَتُهَا، وَقَدْ خَطَّأَ أَبو زَكَرِيَّا أَيضاً الجَوْهَريَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ. غَيْرُهُ: بَبَّةُ لقَب رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَيُوصَفُ بِهِ الأَحْمَقُ الثَّقِيلُ. والبَبَّةُ: السَّمِينُ، وَقِيلَ: الشابُّ المُمْتَلئُ البَدنِ نَعْمةً، حَكَاهُ الهروِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. قَالَ: وَبِهِ لُقِّب عبدُ اللَّهِ بْنِ الْحَرِثِ لِكَثْرَةِ لَحْمِهِ فِي صِغَره، وَفِيهِ يَقُولُ الْفَرَزْدَقُ:
وبايَعْتُ أَقْواماً وفَيْتُ بعَهْدِهِمْ، ... وبَبَّةُ قَدْ بايَعْتُه غيرَ نادِمِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَلَّم عَلَيْهِ فَتىً مِنْ قُرَيْشٍ، فَردَّ عَلَيْهِ مثْلَ سَلامِه، فَقَالَ لَهُ: مَا أَحْسِبُكَ أَثْبَتَّنِي. قَالَ: أَلسْتَ بَبَّةً؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ للشابِّ المُمْتَلِئِ البَدنِ نَعْمَةً وشَباباً بَبَّةٌ. والبَبُّ: الغلامُ السائلُ، وَهُوَ السَّمِينُ، وَيُقَالُ: تَبَبَّبَ إِذَا سَمِنَ. وبَبَّةُ: صَوتٌ مِنَ الأَصْوات، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ، وَكَانَتْ أُمه تُرَقِّصه بِهِ. وَهُمْ عَلَى بَبَّانٍ وَاحِدٍ وبَبانٍ «١» أَي عَلَى طَريقةٍ. قَالَ: وأُرَى بَباناً مَحْذُوفًا مِنْ بَبَّانٍ، لأَنَّ فَعْلانَ أَكثر مِنْ فَعالٍ، وَهُمْ بَبَّانٌ واحِدٌ أَي سَواءٌ، كَمَا يُقَالُ بَأْجٌ واحِدٌ. قَالَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَئن عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لأُلْحِقَنَّ آخِرَ الناسِ بأَوَّلِهم حَتَّى يَكُونُوا بَبَّاناً واحِداً.
وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ: إنْ عِشْتُ فَسَأَجْعَلُ الناسَ بَبَّاناً واحِداً، يُرِيدُ التَّسويةَ فِي القَسْمِ، وَكَانَ يُفَضِّل المُجاهِدِينَ وأَهل بَدْر فِي العَطاءِ. قَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: يعني شيئا وَاحِدًا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَذَاكَ الَّذِي أَرَادَ. قَالَ: وَلَا أحْسِبُ الكلمةَ عَربيةً. قَالَ: وَلَمْ أَسمعها فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبو سَعيد الضَّريرُ: لَا نَعْرفُ بَبَّاناً فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا بَيَّاناً وَاحِدًا. قَالَ: وأَصلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا ذَكَرت مَنْ لَا يُعْرَفُ هَذَا هَيَّانُ بنُ بَيَّانَ، كَمَا يُقَالُ طامرُ بنَ طامِرٍ. قَالَ: فَالْمَعْنَى لأُسَوِّيَنَّ بَيْنَهُمْ فِي العَطاءِ حَتَّى يَكُونُوا شَيْئًا وَاحِدًا، وَلَا أُفَضِّلُ أَحداً عَلَى أَحد. قَالَ الأَزهريُّ: لَيْسَ كَمَا ظَنَّ، وَهَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ رَوَاهُ أَهلُ الإِتْقانِ، وكأَنها لُغَةٌ يمَانِيَةٌ، وَلَمْ تَفْشُ فِي كَلَامِ مَعَدٍّ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الْحَرْفُ هَكَذَا سُمِعَ وناسٌ يَجْعلونه هيَّانَ بنَ بَيَّانَ. قَالَ: وَمَا أُراه مَحْفُوظًا عَنِ الْعَرَبِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: بَبَّانُ حَرْف رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ وأَبو مَعْشَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَم عَنْ أَبيه سَمِعْتُ عُمَر، ومِثْلُ هؤُلاءِ الرُّواة لَا يُخْطِئُونَ فيُغَيِّرُوا، وبَبَّانُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا مَحْضاً، فَهُوَ صَحِيحٌ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ اللَّيْثُ: بَبَّانُ عَلَى تَقْدِيرِ فَعْلانَ، وَيُقَالُ عَلَى تَقْدِيرٍ فَعَّالٍ. قَالَ: وَالنُّونُ أَصلية، وَلَا يُصَرَّفُ مِنْهُ فِعْلٌ. قَالَ: وَهُوَ والبَأْجُ بِمَعْنًى وَاحِدٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَانَ رَأْيُ عمرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي أَعْطِيةِ النَّاسِ التَّفْضِيلَ عَلَى السَّوابِقِ؛ وَكَانَ رأْيُ أَبي بكرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، التَّسْوِيةَ، ثُمَّ رجَع عمرُ إِلَى رأْي أَبي بكر،
(١). قوله وهم على ببان إلخ عبارة القاموس وهم ببان واحد وعلى ببان واحد ويخفف انتهى فيستفاد منه استعمالات أربعة.