قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ الإِشْرَارَة مِنَ القَديد، وأَن يَعْنِيَ بِهِ الخَصَفَة أَو الشُّقَّة. وأَرانيها أَي الأَرانب. والوَخْزُ: الخَطِيئَةُ بَعْدَ الخَطيئَة والشيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ أَي مَعْدُودَةٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ، حَوْلَ كِناسِهِ، ... أَشارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسا
ابْنُ الأَعرابي: الإِشْرَارَةُ صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا الْقَدِيدُ، وَجَمْعُهَا الأَشارِيرُ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ الأَزهري: الإِشْرَارُ مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ لِيَجِفَّ فَصَحَّ بِهِ أَنه يَكُونُ مَا يُشَرَّرُ مِنْ أَقِطٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ مَا يُشَرَّرُ عَلَيْهِ. والأَشارِيرُ: جَمْعُ إِشْرارَةٍ، وَهِيَ اللَّحْمُ الْمُجَفَّفُ. والإِشْرارة: القِطْعة الْعَظِيمَةُ مِنَ الإِبل لِانْتِشَارِهَا وَانْبِثَاثِهَا. وَقَدِ اسْتَشَرَّ إِذا صَارَ ذَا إِشرارة مِنْ إِبل، قَالَ:
الجَدْبُ يَقْطَعُ عَنْكَ غَرْبَ لِسانِهِ، ... فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيتَهُ بَرْبَارا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ثَعْلَبٌ اجْتَمَعَتْ مَعَ ابْنِ سَعْدانَ الرَّاوِيَةُ فَقَالَ لِي: أَسأَلك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّاعِرِ؟ وَذَكَرَ هَذَا الْبَيْتَ، فَقُلْتُ لَهُ: الْمَعْنَى أَن الْجَدْبَ يُفْقِرُهُ وَيُمِيتُ إِبله فَيَقِلُّ كَلَامُهُ وَيَذِلُّ؛ وَالْغَرْبُ: حِدَّة اللِّسَانِ. وغَرْبُ كُلِّ شيء: حدّته. وقوله: وإِذا اسْتَشَرَّ أَي صَارَتْ لَهُ إِشْرَارَةٌ مِنَ الإِبل، وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْهَا، صَارَ بَرْباراً وَكَثُرَ كَلَامُهُ. وأَشَرَّ الشيءَ: أَظهره؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ، وَقِيلَ: إِنه للحُصَيْنِ بْنِ الْحُمَامِ المُرِّيِّ يَذكُرُ يَوْمَ صِفِّين:
فَمَا بَرِحُوا حَتَّى رأَى اللهُ صَبْرَهُمْ، ... وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المصاحِفُ
أَي نُشِرَتْ وأُظهرت؛ قال الجوهري والأَصمعي: يُرْوَى قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تَجَاوَزْتُ أَحْراساً إِليها ومَعْشَراً ... عَلَيَّ حِراصاً، لَوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي «٤»
. عَلَى هَذَا قَالَ، وَهُوَ بِالسِّينِ أَجود. وشَرِيرُ الْبَحْرِ: سَاحِلُهُ، مُخَفَّفٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرِيرُ مِثْلُ العَيْقَةِ، يَعْنِي بِالْعَيْقَةِ ساحلَ الْبَحْرِ وَنَاحِيَتَهُ؛ وأَنشد للجَعْدِي:
فَلا زَالَ يَسْقِيها، ويَسْقِي بلادَها ... مِنَ المُزْنِ رَجَّافٌ، يَسُوقُ القَوارِيَا
يُسَقِّي شَرِيرَ البحرِ حَوْلًا، تَرُدُّهُ ... حَلائبُ قُرْحٌ، ثُمَّ أَصْبَحَ غَادِيَا
والشَّرَّانُ عَلَى تَقْدِيرِ فَعْلانَ: دَوابُّ مِثْلُ الْبَعُوضِ، وَاحِدَتُهَا شَرَّانَةٌ، لُغَةُ لأَهل السَّوَادِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل السَّوَادِ، وَهُوَ شَيْءٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الأَذى شِبْهُ الْبَعُوضِ، يَغْشَى وَجْهَ الإِنسان وَلَا يَعَضُّ. والشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جَمِيعًا. وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ مَحَبَّةُ النَّفْسِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمِيعُ الْجَسَدِ، وأَلقى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ، وَهُوَ أَن يُحِبَّهُ حَتَّى يَسْتَهْلِكَ فِي حُبِّهِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ هَوَاهُ الَّذِي لَا يُرِيدُ أَن يَدَعَهُ مِنْ حَاجَتِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وكائِنْ تَرى مِنْ رَشْدةٍ فِي كَرِيهَةٍ، ... ومِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّراشِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ كَمْ تَرَى مِنْ مُصِيبٍ فِي اعْتِقَادِهِ ورأْيه، وَكَمْ تَرَى مِنْ مُخْطِئٍ فِي أَفعاله وَهُوَ جَادٌّ مُجْتَهِدٌ فِي فِعْلِ مَا لَا يَنْبَغِي أَن يُفْعَلَ، يُلْقِي شَرَاشِرَهُ عَلَى مَقَابِحِ الأُمور وينهَمِك فِي الِاسْتِكْثَارِ منها؛
(٤). في معلقة امْرِئِ الْقَيْسِ: لَوْ يُسِرّون