مَصْدَرُ قَرَّت الْعَيْنُ قُرَّةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
؛ وقرأَ أَبو هُرَيْرَةَ:
مِنْ قُرَّاتِ أَعْيُن
، وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
لَوْ رَآكَ لقَرَّتْ عَيْنَاهُ
أَي لَسُرَّ بِذَلِكَ وفَرِحَ، قَالَ: وَحَقِيقَتُهُ أَبْرَدَ اللهُ دَمْعَةَ عَيْنِيهِ لأَن دَمْعَةَ الْفَرَحِ بَارِدَةٌ، وَقِيلَ: أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ أَي بَلَّغَك أُمْنِيَّتك حَتَّى تَرْضَى نَفْسُك وتَسْكُنَ عَيْنُك فَلَا تَسْتَشْرِفَ إِلى غَيْرِهِ؛ وَرَجُلٌ قَرِيرُ الْعَيْنِ وقَرِرْتُ بِهِ عَيْنًا فأَنا أَقَرُّ وقَرَرْتُ أَقِرُّ وقَرِرْتُ قَرَرْتُ فِي الْمَوْضِعِ مِثْلُهَا. ويومُ القَرِّ: الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي عِيدَ النَّحْرِ لأَن النَّاسَ يَقِرُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَقِيلَ: لأَنهم يَقِرُّون بِمِنًى؛ عَنْ كُرَاعٍ، أَي يَسْكُنُونَ وَيُقِيمُونَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفضلُ الأَيام عِنْدَ اللَّهِ يومُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ القَرِّ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بِيَوْمِ القَرِّ الغَدَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ حَادِيَ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، سُمِّيَ يومَ القَرِّ لأَن أَهل المَوْسِمِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ فِي تَعَبٍ مِنَ الْحَجِّ، فإِذا كَانَ الغدُ من يوم النحر قَرُّوا بِمِنًى فَسُمِّيَ يومَ القَرِّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُثْمَانَ: أَقِرُّوا الأَنفس حَتَّى تَزْهَقَ
أَي سَكِّنوا الذَّبَائِحَ حَتَّى تُفارقها أَرواحها وَلَا تُعْجِلُوا سَلْخها وَتَقْطِيعَهَا. وَفِي حَدِيثِ البُراق:
أَنه استصعبَ ثُمَّ ارْفَضَّ وأَقَرَّ
أَي سَكَنَ وَانْقَادَ. ومَقَرُّ الرَّحِمِ: آخِرُها، ومُسْتَقَرُّ الحَمْل مِنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
؛ أَي فَلَكُمْ فِي الأَرحام مُسْتَقَرٌّ وَلَكُمْ فِي الأَصلاب مُسْتَوْدَعٌ، وَقُرِئَ:
فمستقِرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ
؛ أَي مُسْتَقِرٌّ فِي الرَّحِمِ، وَقِيلَ: مُسْتَقِرٌّ فِي الدُّنِيَا مَوْجُودٌ، ومستودعَ فِي الأَصلاب لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الْمُسْتَقِرُّ مَا وُلِدَ مِنَ الْخَلْقِ وَظَهَرَ عَلَى الأَرض، والمستودَع مَا فِي الأَرحام، وَقِيلَ: مُسْتَقَرُّهَا فِي الأَصلاب ومستودعها في الأَرحام، وسيأْتي ذِكْرُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي حرف العين، إِن شاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ: مُسْتَقِرٌّ فِي الأَحياء ومستودَع فِي الثَّرَى. وَالْقَارُورَةُ: وَاحِدَةُ القَوارير مِنَ الزُّجاج، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي المرأَة الْقَارُورَةَ وَتُكَنِّي عَنْهَا بِهَا. والقارُورُ: مَا قَرَّ فِيهِ الشرابُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا مِنَ الزُّجَاجِ خَاصَّةً. وقوله تعالى: قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ
؛ قَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: مَعْنَاهُ أَوانيَ زُجاج فِي بَيَاضِ الْفِضَّةِ وَصَفَاءِ الْقَوَارِيرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا حَسَنٌ، فأَما مَنْ أَلحق الأَلف فِي قَوَارِيرَ الأَخيرة فإِنه زَادَ الأَلف لتَعْدِلَ رؤوس الْآيِ. وَالْقَارُورَةُ: حَدَقة الْعَيْنِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْقَارُورَةِ مِنَ الزُّجَاجِ لِصَفَائِهَا وأَن المتأَمّل يَرَى شَخْصَهُ فِيهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ قَدَحَتْ مِنْ سَلْبِهِنَّ سَلْبا ... قارورةُ العينِ، فصارتْ وَقْبا
ابْنُ الأَعرابي: القَوارِيرُ شَجَرٌ يُشْبِهُ الدُّلْبَ تُعمل مِنْهُ الرِّحالُ وَالْمَوَائِدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لأَنْجَشةَ وَهُوَ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ: رِفْقاً بالقَوارير
؛ أَراد، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْقَوَارِيرِ النِّسَاءَ، شَبَّهَهُنَّ بِالْقَوَارِيرِ لِضَعْفِ عَزَائِمِهِنَّ وَقِلَّةِ دَوَامِهِنَّ عَلَى الْعَهْدِ، والقواريرُ مِنَ الزُّجاج يُسْرِع إِليها الْكَسْرُ وَلَا تَقْبَلُ الجَبْرَ، وَكَانَ أَنْجَشَةُ يَحْدُو بِهِنَّ رِكابَهُنَّ وَيَرْتَجِزُ بِنَسِيبِ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَرَاءَهُنَّ، فَلَمْ يُؤْمَنْ أَن يُصِيبَهُنَّ مَا يَسْمَعْنَ مِنْ رَقِيقِ الشِّعْرِ فِيهِنَّ أَو يَقَعَ فِي قُلُوبِهِنَّ حُداؤه، فأَمر أَنجشَةَ بِالْكَفِّ عَنْ نَشِيدِهِ وحُدائه حِذارَ صَبْوَتِهن إِلى غَيْرِ الْجَمِيلِ، وَقِيلَ: أَراد أَن الإِبل إِذا سَمِعْتِ الحُداء أَسرعت فِي الْمَشْيِ وَاشْتَدَّتْ فأَزعجت الراكبَ فأَتعبته فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لأَن النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ شِدَّةِ الْحَرَكَةِ. وواحدةُ