مَا يُسْتَحْسَنُ، وَالْغَيْثُ الْمَطَرُ هاهنا؛ وَقَدْ قِيلَ: الْكُفَّارُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكُفَّارُ بِاللَّهِ وَهُمْ أَشد إِعجاباً بِزِينَةِ الدُّنْيَا وَحَرْثِهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. والكَفْرُ، بِالْفَتْحِ: التَّغْطِيَةُ. وكَفَرْتُ الشَّيْءَ أَكْفِرُه، بِالْكَسْرِ، أَي سَتَرْتُهُ. والكافِر: اللَّيْلُ، وَفِي الصِّحَاحِ: اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ لأَنه يَسْتُرُ بِظُلْمَتِهِ كُلَّ شَيْءٍ. وكَفَرَ الليلُ الشيءَ وكَفَرَ عَلَيْهِ: غَطَّاه. وكَفَرَ الليلُ عَلَى أَثَرِ صَاحِبِي: غَطَّاه بِسَوَادِهِ وَظُلْمَتِهِ. وكَفَرَ الجهلُ عَلَى عِلْمِ فُلَانٍ: غَطّاه. وَالْكَافِرُ: الْبَحْرُ لسَتْرِه مَا فِيهِ، ويُجْمَعُ الكافِرُ كِفَاراً؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
وغُرِّقَتِ الفراعِنَةُ الكِفَارُ
وَقَوْلُ ثَعْلَبِ بْنِ صُعَيْرة الْمَازِنِيِّ يَصِفُ الظَّلِيمَ وَالنَّعَامَةَ ورَواحَهما إِلى بَيْضِهِمَا عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ:
فَتَذَكَّرا ثَقَلًا رثِيداً بَعْدَ ما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يمينَها فِي كافِرِ
وذُكاء: اسْمٌ لِلشَّمْسِ. أَلقت يَمِينَهَا فِي كَافِرٍ أَي بدأَت فِي الْمَغِيبِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد اللَّيْلَ؛ وَذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتُ أَن لَبِيداً سَرَق هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ:
حَتَّى إِذا أَلْقَتْ يَدًا فِي كافِرٍ، ... وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَ الْكَافِرُ كَافِرًا لأَنه سَتَرَ نِعَمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ الأَزهري: وَنِعَمُهُ آيَاتُهُ الدَّالَّةُ عَلَى تَوْحِيدِهِ، وَالنِّعَمُ الَّتِي سَتَرَهَا الْكَافِرُ هِيَ الْآيَاتُ الَّتِي أَبانت لِذَوِي التَّمْيِيزِ أَن خَالِقَهَا وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَكَذَلِكَ إِرساله الرُّسُلَ بِالْآيَاتِ الْمُعْجِزَةِ وَالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ نِعْمَةٌ مِنْهُ ظَاهِرَةٌ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهَا وَرَدَّهَا فَقَدْ كَفَرَ نِعْمَةَ اللَّهِ أَي سَتَرَهَا وَحَجَبَهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَيُقَالُ: كَافَرَنِي فُلَانٌ حَقِّي إِذا جَحَدَهُ حَقَّهُ؛ وَتَقُولُ: كَفَر نعمةَ اللَّهِ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ كُفْراً وكُفْراناً وكُفُوراً. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ: كَتَبَ إِلى الْحَجَّاجُ: مَنْ أَقرّ بالكُفْر فَخَلِّ سَبِيلَهُ أَي بِكُفْرِ مَنْ خَالَف بَنِي مَرْوانَ وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ: عُرِضَ عَلَيْهِ رجلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ لِيَقْتُلَهُ فَقَالَ: إِني لأَرى رَجُلًا لَا يُقِرّ الْيَوْمَ بالكُفْر، فَقَالَ: عَنْ دَمي تَخْدَعُني؟ إِنّي أَكْفَرُ مِنْ حِمَارٍ؛ وَحِمَارٌ: رَجُلٌ كَانَ فِي الزَّمَانِ الأَول كَفَرَ بَعْدَ الإِيمان وَانْتَقَلَ إِلى عِبَادَةِ الأَوثان فَصَارَ مَثَلًا. والكافِرُ: الْوَادِي الْعَظِيمُ، وَالنَّهْرُ كَذَلِكَ أَيضاً. وكافِرٌ: نَهْرٌ بِالْجَزِيرَةِ؛ قَالَ المُتَلَمِّسُ يَذْكُرُ طَرْحَ صَحِيفَتِهِ:
وأَلْقَيْتُها بالثِّنْي مِنْ جَنْبِ كافِرٍ؛ ... كَذَلِكَ أَقْنِي كلَّ قِطٍّ مُضَللِ
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْكَافِرُ الَّذِي فِي شِعْرِ الْمُتَلَمِّسِ النَّهْرُ الْعَظِيمُ؛ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَصَا: الكافرُ المطرُ؛ وأَنشد:
وحَدَّثَها الرُّوَّادُ أَنْ لَيْسَ بَيْنَهَا، ... وَبَيْنَ قُرَى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ
وَقَالَ: كَافِرٌ أَي مَطَرٌ. اللَّيْثُ: والكافِرُ مِنَ الأَرض مَا بَعُدَ عَنِ النَّاسِ لَا يَكَادُ يَنْزِلُهُ أَو يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ؛ وأَنشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً مِنْ فَرِّ عِكْرِشَةٍ ... فِي كافرٍ، مَا بِهِ أَمْتٌ وَلَا عِوَجُ
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ شُمَيْلٍ:
فأَبْصَرَتْ لَمْحَةً مِنْ رأْس عِكْرِشَةٍ
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ أَيضاً: الْكَافِرُ الغائطُ الوَطِيءُ، وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ. وَرَجُلٌ مُكَفَّرٌ: وَهُوَ المِحْسانُ