الأَخفش لَا يَرَى مَا كَانَ عَلَى جُزْأَين شِعْرا، قِيلَ: وَكَذَلِكَ لَا يَرَى مَا هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزاء أَيضاً شِعْراً، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْآنَ وَسَمَّاهُ رَجَزاً، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا كَانَ مِنْهُ عَلَى جُزْأَين وَذَلِكَ لِقِلَّته لَا غَيْرُ، وَإِذَا كَانَ إِنما سُمِّيَ رَجَزًا لِاضْطِرَابِهِ تَشْبِيهًا بالرَّجَزِ فِي النَّاقَةِ، وَهُوَ اضْطِرَابُهَا عِنْدَ الْقِيَامِ، فَمَا كَانَ عَلَى جُزْأَين فَالِاضْطِرَابُ فِيهِ أَبلغ وأَوكد، وَهِيَ الأُرْجُوزَةُ لِلْوَاحِدَةِ، والجمعُ الأَرَاجِيزُ. رَجَز الرَّاجِزُ يَرْجُزُ رَجْزاً وارْتَجَز الرَّجَّاز ارْتجازاً: قَالَ أُرْجُوزَةً. وتَراجَزُوا وارتَجَزُوا: تَعاطَوْا بَيْنَهُمُ الرَّجَزَ، وَهُوَ رجَّازٌ ورَجَّازَةٌ وراجزٌ. والارْتِجازُ: صَوْتُ الرَّعْد المُتَدارِك. وارْتَجَزَ الرعدُ ارْتِجازاً إِذا سَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا مُتَتَابِعًا. وتَرَجَّزَ السحابُ إِذا تَحَرَّكَ تَحَرُّكًا بَطِيئاً لِكَثْرَةِ مَائِهِ، قَالَ الرَّاعِي:
ورَجَّافاً تَحِنُّ المُزْنُ فِيهِ ... تَرَجَّزَ مِنْ تِهامَةَ فاسْتَطارا
وَغَيْثٌ مُرْتَجِز: ذُو رَعْدٍ، وَكَذَلِكَ مُتَرَجِّز، قَالَ: أَبو صَخْرٍ:
وَمَا مُتَرَجِّزُ الآذِيِّ جَوْنٌ ... لَهُ حُبُكٌ يَطُمُّ عَلَى الْجِبَالِ
والمُرْتَجِزُ: اسْمُ فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِجَهارة صَهيله وحُسنه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اشْتَرَاهُ مِنَ الأَعرابي وَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. وتَرَاجَزَ الْقَوْمُ: تَنَازَعُوا. والرِّجْز: القَذَر مِثْلُ الرِّجْس. والرِّجْز: الْعَذَابُ. والرِّجْز والرُّجْز: عِبَادَةُ الأَوثان، وَقِيلَ: هُوَ الشِّرْك مَا كَانَ تأْويله أَن مَنْ عبدَ غَيْرَ اللَّه تَعَالَى فَهُوَ عَلَى رَيْب مِنْ أَمره وَاضْطِرَابٍ مِنَ اعْتِقَادِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ، أَيْ عَلَى شَكٍّ وَغَيْرِ ثِقَةٍ وَلَا مُسْكة وَلَا طمأْنينة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
، قَالَ قَوْمٌ: هُوَ صَنَمٌ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، واللَّه أَعلم. قَالَ أَبو إِسحق: قرىء
والرِّجْزَ
وَالرُّجْزَ
، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلى الْعَذَابِ، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ
، أَي كَشَفْتَ عَنَّا الْعَذَابَ. وَقَوْلُهُ: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ*
، هُوَ الْعَذَابُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مُعاذاً، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَصابه الطَّاعُون فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَا أُراه إِلّا رِجْزاً وطُوفاناً، فَقَالَ مُعَاذٌ: لَيْسَ بِرِجْزٍ وَلَا طُوفان،
هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ، العذابُ والإِثمُ والذنبُ. وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
، أَي عبادةَ الأَوثان. وأَصل الرَّجَزِ فِي اللُّغَةِ: تَتَابُعُ الحركاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: نَاقَةٌ رَجْزاءُ إِذَا كَانَتْ قَوَائِمُهَا ترتعدُ عِنْدَ قِيَامِهَا، وَمِنْ هَذَا رَجَزُ الشعرِ لأَنه أَقصرُ أَبياتِ الشعرِ والانتقالُ مِنْ بَيْتٍ إِلى بَيْتٍ سريعٌ نَحْوُ قَوْلِهِ: «٤»
صَبْراً بَنِي عَبْدِ الدَّارْ
وَكَقَوْلِهِ:
مَا هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
قَالَ أَبو إِسحاق: وَمَعْنَى الرِّجْزِ فِي القرآنِ هُوَ العذابُ المقَلْقِل لِشِدَّتِهِ، وَلَهُ قلقلةٌ شديدةٌ مُتَتَابِعَةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ
، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ وساوسُه وخطاياهُ، وَذَلِكَ أَن الْمُسْلِمِينَ كَانُوا فِي رَمْل تَسُوخُ فِيهِ الأَرجلُ، وأَصابت بعضَهم الجنابةُ فَوَسْوَسَ إِليهم الشيطانُ بأَن عدوَّهم يَقْدِرُونَ عَلَى الْمَاءِ وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، وخَيَّل إِليهم أَن ذلك
(٤). قوله" نحو قوله إلخ" أورده في متن الكافي شاهداً على العروض الموقوفة المنهوكة من المنسرح.