مَا إنْ رَأَيْنَا، فِي الزَّمانِ، ذِي الكلَبْ، ... حَلُوبةً وَاحِدَةً، فتُحْتَلَبْ
والحَلُوبة لِلْجَمِيعِ؛ شاهدهُ قَوْلُ الجُمَيح بْنِ مُنْقِذ:
لمَّا رأَت إِبِلِي، قَلَّتْ حَلُوبَتُها، ... وكلُّ عامٍ عَلَيْهَا عامُ تَجْنيبِ
والتَّجْنيب: قلةُ اللَّبَنِ يُقَالُ: أَجْنَبَت الإِبلُ إِذَا قلَّ لَبَنُها. التهذيبُ: أَنشد الْبَاهِلِيُّ للجَعْدي:
وبنُو فَزَارة إنَّها ... لَا تُلْبِثُ الحَلَبَ الحَلائِبْ
قَالَ: حُكي عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: لَا تُلْبِثُ الحَلائِبَ حَلَبَ ناقةٍ، حَتَّى تَهْزِمَهُم. قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُلْبِثُ الحلائبَ أَن يُحْلَب عَلَيْهَا، تُعاجِلُها قبلَ أَن تأْتيها الأَمْداد. قَالَ: وَهَذَا زَعمٌ أَثْبَتُ. اللِّحْيَانِيُّ: هَذِهِ غَنَم حُلْبٌ، بِسُكُونِ اللَّامِ، للضأْنِ والمَعَز. قَالَ: وأُراه مُخَفَّفاً عَنْ حُلُب. وناقةٌ حلوبٌ: ذاتُ لَبَنٍ، فَإِذَا صَيَّرْتَها اسْماً، قلتَ: هَذِهِ الحَلُوبة لِفُلَانٍ؛ وَقَدْ يُخرجون الهاءَ مِنَ الحَلُوبة، وَهُمْ يَعْنُونها، وَمِثْلُهُ الرَّكوبة والرَّكُوبُ لِما يَرْكَبون، وَكَذَلِكَ الحَلوبُ والحلوبةُ لِمَا يَحْلُبُون. والمِحْلَب، بِالْكَسْرِ والحلابُ: الإِناءُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ اللبَنُ؛ قَالَ:
صَاحِ هَلْ رَيْتَ، أَوْ سَمِعْتَ بِراعٍ ... رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَا فِي الحِلابِ؟
ويُروى: فِي العِلابِ؛ وَجَمْعُهُ المَحَالِبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَإن رَضِيَ حِلابَها أَمْسَكَها.
الحِلابُ: اللَّبَنُ الَّذِي تحْلُبُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا اغْتَسَل دَعَا بِشْيءٍ مثلِ الحِلابِ، فأَخَذَ بكَفِّه، فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأَيمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ رُوِيَتْ بِالْجِيمِ. وحُكي عَنِ الأَزهري أَنه قَالَ: قَالَ أَصحاب الْمَعَانِي إنَّه الحِلابُ، وَهُوَ مَا يُحْلَب فيهِ الغَنم كالمِحْلَب سَواءً، فصُحِّفَ؛ يَعْنُون أَنه كانَ يَغْتَسِلُ مِنَ ذَلِكَ الحِلابِ أَي يضَعُ فِيهِ الماءَ الَّذِي يَغْتَسِل مِنْهُ. قَالَ: واخْتارَ الجُلّاب، بِالْجِيمِ، وفسَّره بماءِ الوَرْد. قَالَ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ البُخارِيِّ إشكالٌ، وربَّما ظُنَّ أَنَّهُ تأَوَّله عَلَى الطِّيبِ، فَقَالَ: بابُ مَن بَدأَ بالحِلابِ والطِّيبِ عندَ الغُسْلِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَو الطِّيبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّه كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ دَعَا بشيءٍ مثلِ الحِلابِ. قَالَ: وأَما مُسْلِمٌ فجمعَ الأَحادِيثَ الوارِدَة فِي هَذَا المَعْنى، فِي موضِعٍ واحدٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْهَا. قَالَ: وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ، يدُلُّك عَلَى أَنَّه أَراد الآنِيَة والمقادِيرَ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ البُخَاري مَا أَراد إِلَّا الجُلَّاب، بِالْجِيمِ، وَلِهَذَا تَرْجَم البابَ بِه، وبالطِّيب، وَلَكِنَّ الَّذِي يُرْوَى فِي كتابِه إِنَّمَا هُوَ بِالْحَاءِ، وَهُوَ بِهَا أَشْبَهُ، لأَنَّ الطِّيبَ، لمَنْ يَغْتَسِلُ بعدَ الغُسْل، أَلْيَقُ مِنْه قَبلَهُ وأَوْلى، لأَنَّه إِذَا بَدَأَ بِه ثُمَّ اغْتَسَل، أَذْهَبَه الماءُ. والحَلَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: اللَّبَنُ المَحْلُوبُ، سُمِّيَ بالمَصْدَرِ، ونحوُه كَثِيرٌ. والحلِيب: كالحَلَب، وَقِيلَ: الحَلَبُ: الْمَحْلُوبُ مِنَ اللَّبن، والحَلِيبُ مَا لَمْ يَتَغَيَّر طعْمه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
كانَ رَبيب حَلَبٍ وقارِصِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنَّ الحَلَب هَاهُنَا، هُوَ الحَلِيبُ