رَاعٍ؛ قَالَ:
اجْرِشْ لَهَا يَا ابنَ أَبي كِباشِ ... «١»، فَمَا لَهَا اللَّيْلةَ مِنْ إِنْفاشِ،
إِلا السُّرَى وسائقٍ نَجّاشِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِلَّا بِمَعْنَى غَيْرَ السُّرى كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا؛ أَراد لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ غَيْرُ اللَّه لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّه وَقَدْ يَكُونُ النَفْش فِي جَمِيعِ الدَّوَابِّ وأَكثرُ مَا يَكُونُ فِي الْغَنَمِ، فأَما مَا يَخُصُّ الإِبل فَعَشَتْ عَشْواً، وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ أَنه قَالَ قَوْلَهُمْ: إِن لَمْ يَكُنْ شَحْمٌ فنَفَشٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ إِن لَمْ يَكُنْ فِعْلٌ فرِياءٌ.
نقش: النَّقْشُ النَّقّاشُ «٢»، نَقَشَه يَنْقُشُه نَقْشاً وانْتَقَشَه: نَمْنَمَه، فَهُوَ مَنْقُوشٌ، ونَقَّشَه تَنْقِيشاً، والنَقّاشُ صانِعُه، وحِرْفتُه النِّقَاشةُ، والمِنقاشُ الآلةُ الَّتِي يُنْقَش بها؛ أَنشد ثعلب:
فوا حَزَنَا إِنّ الفِراقَ يَرُوعُني ... بِمِثْلِ مَناقِيشِ الحُلِيّ قِصَارِ
قَالَ: يَعْنِي الغِرْبان. والنَّقْشُ: النتْفُ بالمِنْقاشِ، وَهُوَ كالنَتْشِ سَوَاءٌ. والمَنْقُوشةُ: الشجّةُ الَّتِي تُنْقَشُ مِنْهَا العظامُ أَي تُستخرج؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الغَنوِيّ يَقُولُ: المُنَقِّشةُ المُنَقِّلةُ مِنَ الشِّجَاج الَّتِي تَنَقَّل مِنْهَا العظامُ. ونَقَشَ الشوكةَ يَنْقُشُها نَقْشاً وانْتَقَشها: أَخرجها مِنْ رِجْله. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: عَثَرَ فَلَا انْتَعَش، وشِيكَ فَلَا انْتَقَش
أَي إِذا دَخَلت فِيهِ شوكةٌ لَا أَخْرَجها مِنْ مَوْضِعِهَا، وَبِهِ سُمِّي المِنْقاشُ الَّذِي يُنْقَشُ بِهِ وَقَالُوا: كأَن وجهَه نُقِشَ بقَتادةٍ أَي خُدِشَ بِهَا، وَذَلِكَ فِي الْكَرَاهَةِ والعُبُوس والغضَب. وناقَشَه الحسابَ مُناقشةً ونِقاشاً: اسْتَقْصَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نُوقِشَ الحسابَ عُذّبَ
أَي مِنَ استُقْصِي فِي مُحاسبته وحُوقِق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: مَنْ نُوقِشَ الحسابَ فَقَدْ هَلَك.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَجْمَع اللَّهُ الأَوّلين والآخرين لنِقاشِ الحساب
؛ وهو مَصْدَرٌ مِنْهُ. وأَصل المُناقَشة مِنْ نقَش الشَّوْكَةَ إِذا اسْتَخْرَجَهَا مِنْ جِسْمِهِ، وَقَدْ نَقَشَها وانْتَقَشها. أَبو عُبَيْدٍ: المُناقَشةُ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الْحِسَابِ حَتَّى لَا يُتْرَك مِنْهُ شَيْءٌ. وانْتَقَش مِنْهُ جميعَ حقِّه وتَنَقَّشه: أَخذه فَلَمْ يدَع مِنْهُ شَيْئًا؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزة اليَشْكُرِيّ:
أَو نَقَشْتم، فالنَقْشُ يَجْشَمُه الناسُ، ... وَفِيهِ الصِّحاحُ والإِبْراءُ «٣»
يَقُولُ: لَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ محاسبةٌ عَرَفْتُمُ الصِّحَّةَ والبَراءَة؛ قَالَ: وَلَا أَحسَب نَقْش الشوكةِ مِنَ الرِّجْل إِلا مِنْ هَذَا، وَهُوَ استخراجُها حَتَّى لَا يُترك مِنْهَا شَيْءٌ فِي الْجَسَدِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَنْقُشَنّ برِجْل غَيْرِكَ شَوكةً، ... فتَقي بِرجْلِك رِجْلَ مَنْ قَدْ شاكَها
وَالْبَاءُ أُقيمت مُقام عَنْ؛ يَقُولُ: لَا تَنْقُشَنّ عَنْ رِجْل غَيْرِكَ شَوْكًا فَتَجْعَلُهُ فِي رِجْلِكَ؛ قَالَ: وإِنما سمِّي المِنْقاشُ مِنْقاشاً لأَنه يُنْقَشُ بِهِ أَي يُسْتخرج بِهِ الشوكُ. والانْتِقاشُ: أَن تَنْتَقِشَ عَلَى فَصِّك أَي تسأَل النقّاشَ أَن يَنْقُش عَلَى فَصِّك؛ وأَنشد لِرَجُلٍ نُدِب
(١). قوله اجرش كذا في الأَصل بهمزة الوصل وبشين آخره وهي رواية ابن السكيت، قال في الصحاح: والرواة على خلافه، يعني أَجرس بهمزة القطع وسين آخره.
(٢). قوله النقش النقاش كذا ضبط في الأَصل.
(٣). في معلقة الحرث بن حلِّزة: الإِسقام بدل الصحاح.