بِهِ، قَالَ أَبو إِسحاق: وَهُوَ قَلِيلٌ. فأَمَّا قراءَةُ بَعْضِهِمْ: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، فنادِرٌ. وَقَالُوا: ذَهَبْتُ الشَّامَ، فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ، وإِن كَانَ الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بِالْمَكَانِ المُبْهَم، إِذ كَانَ يَقَعُ عَلَيْهِ المكانُ والمَذْهَبُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّ الليلَ طوِيلٌ، وَلَا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا، أَي لَا ذَهَب. والمَذْهَب: المُتَوَضَّأُ، لأَنَّهُ يُذْهَبُ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ فِي المَذْهَبِ
، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنَ الذَّهابِ. الْكِسَائِيُّ: يقالُ لمَوضع الغائطِ: الخَلاءُ، والمَذْهَب، والمِرْفَقُ، والمِرْحاضُ. والمَذْهَبُ: المُعْتَقَد الَّذِي يُذْهَبُ إِليه؛ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لمَذْهَبِه الَّذِي يَذْهَبُ فِيهِ. وحَكى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا يُدْرَى لَهُ أَينَ مَذْهَبٌ، وَلَا يُدْرَى لَهُ مَا مَذْهَبٌ أَي لَا يُدْرَى أَين أَصلُه. وَيُقَالُ: ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً. وَقَوْلُهُمْ بِهِ: مُذْهَب، يَعْنون الوَسْوَسَة فِي الماءِ، وَكَثْرَةَ استعمالِه فِي الوُضوءِ. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وأَهلُ بَغدادَ يَقُولُونَ للمُوَسْوِسِ مِنَ النَّاسِ: بِهِ المُذْهِبُ، وعَوَامُّهم يَقُولُونَ: بِهِ المُذْهَب، بفَتح الْهَاءِ، وَالصَّوَابُ المُذْهِبُ. والذَّهَبُ: معروفٌ، وَرُبَّمَا أُنِّثَ. غَيْرُهُ: الذَّهَبُ التِّبْرُ، القِطْعَةُ مِنْهُ ذَهَبَة، وَعَلَى هَذَا يُذَكَّر ويُؤَنَّث، عَلَى مَا ذُكر فِي الجمعِ الَّذِي لَا يُفارِقُه واحدُه إلَّا بالهاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فبَعَثَ مِنَ اليَمَنِ بذُهَيْبَة.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ تَصْغِيرُ ذَهَبٍ، وأَدْخَلَ الهاءَ فِيهَا لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث، والمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْحِقَ فِي تصغيرِه الهاءُ، نَحْوَ قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ تصغيرُ ذَهَبَةٍ، عَلَى نِيَّةِ القِطْعَةِ مِنْهَا، فصَغَّرَها عَلَى لفظِها؛ وَالْجَمْعُ الأَذْهابُ والذُّهُوبُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله تعالى وَجْهَهُ: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَن يَفْتَحَ لَهُمْ كنوزَ الذِّهْبانِ، لفَعَل
؛ هُوَ جمعُ ذَهَبٍ، كبَرَقٍ وبِرْقانٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ بالضمِّ، نَحْوَ حَمَلٍ وحُمْلانٍ. وأَذْهَبَ الشيءَ: طَلَاهُ بالذَّهَبِ. والمُذْهَبُ: الشيءُ المَطْليُّ بالذَّهَب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ، عَلَى أَلْواحِهِ ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
وَيُرْوَى: عَلَى أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ، وإِنما عَدَل عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ الرُّواةِ اسْتِيحاشاً مِنْ قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل، وَهَذَا جائِزٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فِي الشِّعْرِ، وَلَا سِيَّما فِي الأَنْصافِ، لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ. وأَهلُ الحِجازِ يَقُولُونَ: هِيَ الذَّهَبُ، وَيُقَالُ نَزَلَت بلُغَتِهِم: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ
؛ وَلَوْلَا ذَلِكَ، لَغَلَبَ المُذَكَّرُ المُؤَنَّثَ. قَالَ: وسائِرُ العَرب يَقُولُونَ: هُوَ الذَّهَب؛ قَالَ الأَزهري: الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب، وَلَا يجوزُ تأْنِيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ؛ وأَما قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: وَلا يُنْفِقُونَها، وَلَمْ يَقُلْ وَلَا يُنْفِقُونَه، فَفِيهِ أَقاويل: أَحَدُها أَنَّ الْمَعْنَى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة، وَلَا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَقِيلَ: جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولًا عَلَى الأَمْوالِ فَيَكُونَ: وَلَا يُنْفِقُونَ الأَموال؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ: وَلَا يُنْفِقُونَ الفِضَّة، وَحَذَفَ الذَّهب كأَنه قَالَ: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَب وَلَا يُنْفِقُونَه، والفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَها، فاخْتُصِرَ الكَلام، كما قال: