وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ، وَلَمْ يَقُلْ يُرْضُوهُما. وكُلُّ مَا مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ، وَهُوَ مُذْهَبٌ، وَالْفَاعِلُ مُذْهِبٌ. والإِذْهابُ والتَّذْهِيبُ واحدٌ، وَهُوَ التَّمويهُ بالذَّهَب. وَيُقَالُ: ذَهَّبْتُ الشيءَ فَهُوَ مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ وذِكْرِ الصَّدَقَةِ: حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَهَلَّل كأَنَّه مُذْهَبَةٌ
؛ كَذَا جاءَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وبعضِ طُرُقِ مُسْلم، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ بِالدَّالِ المهملة والنون، وسيأتي ذكره؛ فَعَلى قَوْلِهِ مُذْهَبَةٌ، هُوَ مِنَ الشيءِ المُذْهَب، وَهُوَ المُمَوَّه بالذَّهَبِ، أَو هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ حُمْرَتَه صُفْرَةٌ، والأُنْثَى مُذْهَبَة، وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ لأَنَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً. وَيُقَالُ: كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة، فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه، وَلَمْ تَعْلُه صُفْرَةٌ، فَهُوَ المُدَمَّى، والأُنْثى مُذْهَبَة. وشيءٌ ذَهِيبٌ مُذْهَبٌ؛ قَالَ: أُراه عَلَى تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ، أَمَّا سَرَاتُها ... فَمُلْسٌ، وأَمَّا جِلْدُها فَذَهِيبُ
والمَذاهِبُ: سُيُورٌ تُمَوَّهُ بالذَّهَبِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، فِي قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم:
أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرادِ المَذَاهِبِ
المَذاهِبُ: جُلُودٌ كَانَتْ تُذْهَب، واحِدُها مُذْهَبٌ؛ تُجْعَلُ فِيهِ خُطوطٌ مُذَهَّبة، فَيُرَى بَعْضُها فِي أَثرِ بَعْضٍ، فكأَنها مُتَتابِعَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
يَنْزِعْنَ جِلْدَ المَرْءِ نَزْعَ ... القَينِ أَخْلاقَ المَذاهِبْ
يَقُولُ: الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِيل، كَمَا يَنزِعُ القَين خِلَل السُّيُوف. قَالَ، ويقالُ: المَذاهِبُ البُرود المُوَشَّاةُ، يُقَالُ: بُرْدٌ مُذْهَبٌ، وَهُوَ أَرْفَعُ الأَتحَمِيِّ. وذَهِبَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَذْهَبُ ذَهَباً فَهُوَ ذَهِبٌ: هَجَمَ فِي المَعْدِن عَلَى ذَهبٍ كَثِيرٍ، فَرَآهُ فَزَالَ عقلُه، وبَرِقَ بَصَره مِنْ كَثْرَةِ عِظَمِه فِي عَيْنِه، فَلَمْ يَطْرِفْ؛ مُشْتَقٌّ مِنَ الذَّهَبِ؛ قَالَ الرَّاجز:
ذَهِبَ لمَّا أَن رَآهَا تَزْمُرَهْ
وَفِي رِوَايَةٍ «٢»:
ذَهِبَ لمَّا أَن رَآهَا ثُرْمُلَهْ، ... وَقَالَ: يَا قَوْمِ، رأَيتُ مُنْكرَهْ:
شَذْرَةَ وادٍ، ورأَيتُ الزُّهَرَهْ
وثُرْمُلَة: اسمُ رَجُلٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: ذِهِبَ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدَنَا مُطَّرِدٌ إِذا كَانَ ثانيهِ حَرْفاً مِنْ حُروفِ الحَلْقِ، وَكَانَ الفعْل مَكْسُورَ الثَّانِي، وَذَلِكَ فِي لُغَةِ بَنِي تميمٍ؛ وَسَمِعَهُ ابْنُ الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ فِي لغتِهِم، فَلِذَلِكَ حَكَاهُ. والذِّهبةُ، بِالْكَسْرِ، المَطْرَة، وَقِيلَ: المَطْرةُ الضَّعيفة، وَقِيلَ: الجَوْدُ، والجمع ذِهابٌ؛ قال
(٢). قوله وفي رواية إلخ قال الصاغاني في التكملة الرواية:
ذَهَبَ لَمَّا أَنْ رَآهَا تزمرة
وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى.