حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ: لَوْ أَنَّ لِي مَا فِي الأَرض جَمِيعًا لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ المُطَّلَعِ
؛ يُرِيدُ بِهِ الْمَوْقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَو مَا يُشْرِفُ عَلَيْهِ مِنْ أَمر الْآخِرَةِ عَقِيبَ الْمَوْتِ، فشبه بالمُطَّلَعِ الَّذِي يُشْرَفُ عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ عالٍ. قَالَ الأَصمعي: وَقَدْ يَكُونُ المُطَّلَعُ المَصْعَدَ مِنْ أَسفل إِلى الْمَكَانِ الْمُشْرِفِ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الْقُرْآنِ:
لِكُلِّ حرْف حَدٌّ وَلِكُلِّ حدٍّ مُطَّلَعٌ
أَي لِكُلِّ حدٍّ مَصْعَدٌ يَصْعَدُ إِليه مِنْ مَعْرِفَةِ عِلْمِهِ. والمُطَّلَعُ: مَكَانُ الاطِّلاعِ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ. يُقَالُ: مُطَّلَعُ هَذَا الْجَبَلِ مِنْ مَكَانِ كَذَا أَي مأْتاه ومَصْعَدُه؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ «٢»:
مَا سُدَّ مِنْ مَطْلَعٍ ضاقَت ثَنِيَّتُه، ... إِلَّا وَجَدْت سَواءَ الضِّيقِ مُطَّلَعا
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ لِكُلِّ حدٍّ مُنْتَهكاً يَنْتَهِكُه مُرْتَكِبُه أَي أَنَّ اللَّهَ لَمْ يحرِّم حُرْمةً إِلَّا عَلِمَ أَنْ سَيَطْلُعُها مُسْتَطْلِعٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لِكُلِّ حدٍّ مَطْلَعٌ بِوَزْنِ مَصْعَدٍ وَمَعْنَاهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:
إِنِّي، إِذا مُضَرٌ عليَّ تحَدَّبَتْ، ... لاقَيْتُ مُطَّلَعَ الجبالِ وُعُورا
قَالَ اللَّيْثُ: والطِّلاعُ هُوَ الاطِّلاعُ نفسُه فِي قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
فكانَ طِلاعاً مِنْ خَصاصٍ ورُقْبةً، ... بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وطَرْفاً مُقَسَّما
قَالَ الأَزهري: وَكَانَ طِلاعاً أَي مُطالَعةً. يُقَالُ: طالَعْتُه طِلاعاً ومُطالَعةً، قَالَ: وَهُوَ أَحسن مِنْ أَن تَجْعَلَهُ اطِّلاعاً لأَنه الْقِيَاسُ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ
؛ قَالَ الفراءُ: يَبْلُغُ أَلَمُها الأَفئدة، قَالَ: والاطِّلاعُ والبُلوغُ قَدْ يَكُونَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَتَى طَلَعْتَ أَرْضنا أَي مَتَى بَلَغْت أَرضنا، وَقَوْلُهُ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ
، تُوفي عَلَيْهَا فَتُحْرِقُها مِنِ اطَّلعت إِذا أَشرفت؛ قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ الْفَرَّاءِ أَحب إِليَّ، قَالَ: وإِليه ذَهَبَ الزَّجَّاجُ. وَيُقَالُ: عَافَى اللَّهُ رَجُلًا لَمْ يَتَطَلَّعْ فِي فِيكَ أَي لَمْ يتعقَّب كَلَامَكَ. أَبو عَمْرٍو: مِنْ أَسماء الْحَيَّةِ الطِّلْعُ والطِّلُّ. وأَطْلَعْتُ إِليه مَعْروفاً: مِثْلُ أَزْلَلْتُ. وَيُقَالُ: أَطْلَعَني فُلان وأَرْهَقَني وأَذْلَقَني وأَقْحَمَني أَي أَعْجَلَني. وطُوَيْلِعٌ: مَاءٌ لَبَنِي تَمِيمٍ بالشَّاجِنةِ ناحِيةَ الصَّمَّانِ؛ قَالَ الأَزهري: طُوَيْلِعٌ رَكِيَّةٌ عادِيَّةٌ بِنَاحِيَةِ الشَّواجِنِ عَذْبةُ الماءِ قَرِيبَةُ الرِّشاءِ؛ قَالَ ضَمْرَةُ ابن ضَمْرَةَ:
وأَيَّ فَتًى وَدَّعْتُ يومَ طُوَيْلِعٍ، ... عَشِيَّةَ سَلَّمْنا عَلَيْهِ وسَلَّما
«٣» فَيا جازيَ الفِتْيانِ بالنِّعَمِ اجْزِه ... بِنُعْماه نُعْمَى، واعْفُ إِنْ كَانَ مُجْرِما
طمع: الطَّمَعُ: ضِدُّ اليَأْسِ. قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَعَلَّمْنَ أَنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ وأَنَ
(٢). قوله وأنشد أبو زيد إلخ لعل الأَنسب جعل هذا الشاهد موضع الذي بعده وهو ما أنشده ابن بري وجعل ما أنشده ابن بري موضعه
(٣). قوله وأي فتى إلخ أنشد ياقوت في معجمه بين هذين البيتين بيتاً وهو:
رمى بصدور العيس منحرف الفلا ... فلم يدر خلق بعدها أين يمما