بَشاماً ونَبْعاً، ثُمَّ مَلْقَى سِبالهِ ... ثِمادٌ وأَوْشالٌ حَمَتْها الزَّحَالِفُ
ومَلْقى سِبالِه أَي مُنْغَمَسُ رأْسه فِي الْمَاءِ. والسِّبال: شَعَرُ لِحْيَتِه، وَالَّذِي فِي شَعَرِهِ: سَقَتْها الزَّحَالِفُ أَي يقعُ الْمَطَرُ والنَّدى عَلَى الصَّخْرِ فَيَصِلُ إِلَيْهَا عَلَى وُفوره وَكَمَالِهِ. والزَّحْلَفةُ كالدَحْرجةِ والدفْع، يُقَالُ: زَحْلَفْتُه فَتَزَحْلَفَ، والزَّحَالِيفُ والزَّحالِيكُ وَاحِدَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ:
مَا ازْلَحَفَّ ناكِحُ الأَمة عَنِ الزِّنا إِلَّا قلِيلًا
؛ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ مَا تَنَحَّى وَمَا تباعَدَ. يُقَالُ: ازْلَحَفَّ وازْحَلَفَّ وتَزَحْلَفَ وتَزَلْحَفَ إِذَا تَنَحَّى. وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا مَالَتْ للمَغِيبِ إِذَا زالَتْ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ نِصْفَ النَّهَارِ: قَدْ تَزَحْلَفَتْ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
والشمسُ قَدْ كادتْ تكونُ دَنَفا، ... أَدْفَعُها بالرَّاحِ كَيْ تَزَحْلَفا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي نُخَيْلَةَ:
وليسَ وَلْيُ عَهْدِنا بالأَسْعَدِ ... عِيسَى، فَزَحْلِفْها إِلَى مُحمَّدِ،
حَتَّى تُؤدَّى مِنْ يَدٍ إِلَى يَدِ
وَيُقَالُ: زَحْلَفَ اللَّهُ عَنَّا شَرَّكَ أَي نَحَّى اللَّهُ عنا شرَّك.
زحنقف: الأَزهري: الزَّحَنْقَفُ الَّذِي يَزْحَفُ عَلَى اسْتِه؛ وأَنشد أَبو سَعِيدٍ للأَغلب:
طَلَّةُ شَيخٍ أَرْسَحٍ زَحَنْقَفِ، ... لَهُ ثَنايا مِثْلُ حَبِّ العُلَّفِ
زخف: أَهمله اللَّيْثُ. وَفِي النَّوَادِرِ المُثْبتة عَنِ الأَعراب: الشَّوْذَقَةُ والتَّزْخِيفُ أَخْذُ الإِنسانِ عَنْ صَاحِبِهِ بأَصابعه الشَّيْذَقَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ أَما الشَّوْذَقَة فَمُعَرَّبٌ، وأَما التَّزْخِيفُ فأَرجو أَن يَكُونَ عَرَبِيًّا صَحِيحًا. وَيُقَالُ: زَخَفَ يَزْخَفُ إِذَا فَخَرَ. وَرَجُلٌ مِزْخَفٌ: فَخُورٌ؛ وَقَالَ البُرَيْقُ الهُذلي:
وأَنتَ فَتاهُم غَيْرَ شَكٍّ زَعَمْتَه، ... كَفَى بِكَ ذَا بَأْوٍ بِنَفْسِكَ مِزْخَفا
قَالَ: ذَكَرَ ذَلِكَ الأَصمعي وأَظُنّ زَخَفَ مَقلوباً عَنْ فَخز.
زخرف: الزُّخْرُفُ: الزِّينةُ. ابْنُ سِيدَهْ: الزُّخْرفُ الذَّهَبُ هَذَا الأَصل، ثُمَّ سُمِّي كُلُّ زِينةٍ زُخْرُفاً ثُمَّ شُبِّهَ كلُّ مُمَوَّه مُزَوَّرٍ بِهِ. وَبَيْتٌ مُزَخْرفٌ، وزَخْرَفَ الْبَيْتَ زَخْرَفَةً: زَيَّنَه وأَكْمَلَه. وكلُّ مَا زُوِّقَ وزُيِّنَ، فَقَدْ زُخْرِفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ حَتَّى أَمَرَ بالزُّخْرُفِ فنُحِّيَ
؛ قَالَ: الزُّخْرُفُ هَاهُنَا نُقُوشٌ وتَصاويرُ تُزَيَّنُ بِهَا الكعبةُ وَكَانَتْ بِالذَّهَبِ فأَمر بِهَا حَتَّى حُتّت؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَزُخْرُفاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الزُّخْرُفُ الذَّهَبُ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: إنَّا نَجْعَلُهَا لَهُمْ مِنْ فِضَّة وَمِنْ زُخْرف، فَإِذَا أَلقيت مِنَ الزُّخْرُف «١» أَوقعت الفعل عليه أَي وزخرفاً نَجْعَلُ لَهُمْ ذَلِكَ، قِيلَ: وَمَعْنَاهُ وَنَجْعَلُ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ ذَهَبًا وغِنًى، قَالَ: وَهُوَ أَشبه الْوَجْهَيْنِ بِالصَّوَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى أَن تُزَخْرَفَ المساجدُ
أَي تُنْقَشَ وتُمَوَّه بِالذَّهَبِ، وَوَجْهُ النَّهْيِ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ لِئَلَّا تَشْغَل المصلي.
(١). قوله ألقيت من الزُّخْرُف كذا بالأصل يريد إذا لم تقدر دخول من على زخرف أوقعت إلخ.