ليَقْطَعْ، أَي ليَمُدَّ الحَبْل حَتَّى ينْقَطِع، فيَموتَ مختَنِقاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: السَّببُ كلُّ حَبْل حَدَرْتَه مِنْ فَوْقُ. وَقَالَ خالدُ بنُ جَنَبَة: السَّبَب مِنَ الحِبال القويُّ الطويلُ. قَالَ: وَلَا يُدعى الحبلُ سَبباً حَتَّى يُصْعَد بِهِ، ويُنْحَدَرَ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ سببٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلّا سَبَبي ونَسَبي
؛ النَّسَبُ بالولادةِ، والسَّبَبُ بِالزَّوَاجِ، وَهُوَ مِنَ السَّبَبِ، وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُتَوَصَّل بِهِ إِلى الماءِ، ثُمَّ اسْتُعِير لِكُلِّ مَا يُتوصَّل بِهِ إِلى شيءٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ
، أَي الوُصَل والمَوَدَّاتُ. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبَة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وإِن كَانَ رزْقُه فِي الأَسباب
، أَي فِي طُرُقِ السماءِ وأَبوابها. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رأَى فِي المنامِ كأَنَّ سَبباً دُلِّيَ مِنَ السماءِ
، أَي حَبْلًا. وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى الحبلُ سَبَبًا حَتَّى يكونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بالسَّقْفِ أَو نحوِه. والسببُ، مِنْ مُقَطَّعات الشِّعْرِ: حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وحرفٌ ساكنٌ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْن: سَبَبانِ مَقرونانِ، وسَببانِ مَفْروقان؛ فالمقْرونانِ مَا توالَتْ فِيهِ ثلاثُ حَرَكاتٍ بعدَها ساكِنٌ، نَحْوَ مُتَفَا مِنْ مُتَفاعِلُنْ، وعَلَتُنْ مِنْ مُفاعَلَتُن، فَحَرَكَةُ التَّاءِ مِنْ مُتَفا، قَدْ قَرَنَت السَّبَبَين، وَكَذَلِكَ حركةُ اللامِ مِنْ عَلَتُنْ، قَدْ قَرَنَتِ السَّبَبَيْنِ أَيضاً؛ والمَفْرُوقان هُمَا اللذانِ يقومُ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا بنفسِه أَي يكونُ حرفٌ متحركٌ وحرفٌ ساكنٌ، ويَتْلُوه حرفٌ مُتَحَرِّكٌ، نَحْوَ مُسْتَفْ، مِنْ مُسْتَفْعِلُنْ؛ وَنَحْوَ عِيلُنْ، مِن مَفاعِيلُنْ، وَهَذِهِ الأَسبابُ هِيَ الَّتِي يَقَع فِيهَا الزِّحافُ عَلَى مَا قَدْ أَحْكَمَته صِناعةُ العَروض، وَذَلِكَ لأَن الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عَلَيْهَا؛ وَقَوْلُهُ:
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بِالسَّبَبْ
يَجُوزُ أَن يكونَ الحَبْلَ، وأَن يكونَ الخَيْطَ؛ قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: هَذِهِ امرأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَها بخَيْطٍ، وَهُوَ السَّبَبُ، ثُمَّ أَلْقَتْه إِلى النساءِ لِيَفْعَلْنَ كَمَا فَعَلَتْ، فَغَلَبَتْهُنّ. وقَطَعَ اللَّهُ بِهِ السببَ أَي الحَياة. والسَّبِيبُ مِنَ الفَرَس: شَعَر الذَّنَبِ، والعُرْفِ، والنَّاصِيَةِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: السبِيبُ شَعَر الناصِيةِ، والعُرْفِ، والذَّنَبِ؛ وَلَمْ يَذْكُر الفَرَس. وَقَالَ الرياشِيُّ: هُوَ شَعْرُ الذَّنَب، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ شَعَر الناصِية؛ وأَنشد:
بِوافي السَّبِيبِ، طَوِيلِ الذَّنَبْ
والسَّبِيبُ والسَّبِيبَةُ: الخُصْلة مِنَ الشَّعَر. وَفِي حديثِ
استسْقاءِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رأَيتُ العباسَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ طالَ عُمَرَ، وعَيْناه تَنْضَمَّان، وسَبائِبُهُ تَجُولُ عَلَى صَدْرِه
؛ يَعْنِي ذَوائِبَهُ، واحدُها سَبِيبٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي كِتَابِ الهَرَوِيّ، عَلَى اختلافِ نُسَخِهِ: وَقَدْ طالَ عُمْرُه، وإِنما هُوَ طَالَ عُمَرَ، أَي كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ لأَنَّ عُمَرَ لمَّا استَسْقَى أَخَذَ الْعَبَّاسَ إِليه، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوسَّل إِليك بعَمِّ نَبِيِّكَ
، وَكَانَ إِلى جانِبِه، فرآهُ الرَّاوِي وَقَدْ طالَه أَي كَانَ أَطولَ مِنْهُ. والسَّبِيبة: العِضاهُ، تَكْثُرُ في المكانِ.
سبسب: السَّباسِبُ والسَّبْسَبُ: شجرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ السهامُ؛ قالَ يَصِفُ قانِصاً:
ظَلّ يُصادِيها، دُوَيْنَ المَشْرَبِ، ... لاطٍ بصَفْراءَ، كَتُومِ المَذْهَبِ،
وكلِّ جَشْءٍ مِنْ فُروعِ السَّبْسَبِ