خرَجْنا مِنَ الْوَادِي الَّذِي بينَ مِشْعَلٍ، ... وبينَ الجَبَا، هَيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتي «٣»
أَي مَا أَبْعَدَ الموضعَ الَّذِي مِنْهُ ابتَدَأْت مَسِيري ابْنُ الأَعرابي: السَّرْبة السَّفَرُ القريبُ، والسُّبْأَةُ: السَّفَرُ البَعيد. والسَّرِبُ: الذاهِبُ الْمَاضِي، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والانْسِرابُ: الدُّخُولُ فِي السَّرَب. وَفِي الْحَدِيثِ
مَنْ أَصْبَحَ آمِناً في سَرْبِه
، بِالْفَتْحِ، أَي مَذْهَبِه. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّرْب النَّفْسُ، بِكَسْرِ السِّينِ. وَكَانَ الأَخفش يَقُولُ: أَصْبَح فلانٌ آمِناً فِي سَرْبِه، بِالْفَتْحِ، أَي مَذْهَبِه ووجهِه. والثِّقاتُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ قَالُوا: أَصْبَح آمِناً فِي سِرْبِه أَي فِي نَفْسِه؛ وَفُلَانٌ آمِن السَّرْبِ: لَا يُغْزَى مالُه ونَعَمُه، لعِزِّه؛ وَفُلَانٌ آمِنٌ فِي سِرْبِه، بِالْكَسْرِ، أَي فِي نَفْسِه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا قَوْلُ جماعةٍ مِنْ أَهل اللُّغَةِ، وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ مَنْ قَالَ: فِي نَفْسِه؛ قَالَ: وإِنما الْمَعْنَى آمِنٌ فِي أَهلِه ومالِه وولدِه؛ وَلَوْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِه وَحْدَها دُونَ أَهله ومالِه وولدِه، لَمْ يُقَلْ: هُوَ آمِنٌ فِي سِرْبِه؛ وإِنما السِّرْبُ هاهنا مَا للرجُل مِنْ أَهلٍ ومالٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ قَطِيعُ البَقَرِ، والظِّباءِ، والقَطَا، والنساءِ سِرْباً. وَكَانَ الأَصلُ فِي ذَلِكَ أَن يَكُونَ الراعِي آمِناً فِي سِرْبِه، والفحلُ آمِنًا فِي سِرْبِه، ثُمَّ استُعْمِلَ فِي غَيْرِ الرُّعاةِ، استعارةً فِيمَا شُبِّهَ بِهِ، وَلِذَلِكَ كُسرت السِّينُ، وَقِيلَ: هُوَ آمِنٌ فِي سِرْبِه أَي فِي قومِه. والسِّرْبُ هُنَا: القَلْبُ. يُقَالُ: فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ، وَالْجَمْعُ سِرابٌ، عَنِ الهَجَري؛ وأَنشد:
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ، ... وبينَ هَوازِنٍ، أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب، بِالْكَسْرِ: القَطِيعُ مِنَ النساءِ، والطَّيرِ، والظِّباءِ، والبَقَرِ، والحُمُرِ، والشاءِ، واستعارَه شاعِرٌ مِنَ الجِنِّ، زَعَمُوا، للعظاءِ فَقَالَ، أَنشده ثَعْلَبٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
رَكِبْتُ المَطايا كُلَّهُنَّ، فَلَمْ أَجِدْ ... أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
وَمِنْ عَضْرَفُوطٍ، حَطَّ بِي فَزَجَرْتُه، ... يُبادِرُ سِرْباً مِنْ عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي، السِّرْبُ والسُّرْبةُ مِنَ القَطَا، والظِّباءِ والشاءِ: القَطيعُ. يُقَالُ: مَرَّ بِي سِرْبٌ مِنْ قَطاً وظِباءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ، أَي قَطِيعٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَيُقَالُ للجماعةِ مِنَ النخلِ: السِّرْبُ، فِيمَا ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ. قَالَ أَبو الحَسَنِ: وأَنا أَظُنُّه عَلَى التَّشبِيه، والجمعُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ أَسْرابٌ؛ والسُّرْبةُ مِثلُه. ابْنُ الأَعرابي: السُّرْبةُ جَمَاعَةٌ يَنْسَلُّونَ مِنَ العَسْكَرِ، فيُغيرون ويَرْجعُون. والسُّرْبة: الْجَمَاعَةُ مِنَ الخيلِ، مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الثلاثينَ؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ العشرةِ إِلى العشرينَ؛ تَقُولُ: مَرَّ بِي سُرْبة، بِالضَّمِّ، أَي قِطْعة مِنْ قَطاً، وخَيْلٍ، وحُمُرٍ، وظِباءٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة يَصِفُ مَاءً:
سِوَى مَا أَصابَ الذِّئْبُ مِنْهُ، وسُرْبةٍ ... أَطافَتْ بِهِ مِنْ أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنهم سِرْبٌ ظِباءٍ
؛ السِّرْبُ،
(٣). قوله وبين الجبا أورده الجوهري وبين الحشا بالحاء المهملة والشين المعجمة وقال الصاغاني الرواية وبين الجبا بالجيم والباء وهو موضع.