الحَقَّةُ الدَّاهِيَةُ والحاقَّةُ الْقِيَامَةُ، وقد حَقَّتْ تَحُقُّ. وَفِي التَّنْزِيلِ: الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ
؛ الْحَاقَّةُ: السَّاعَةُ وَالْقِيَامَةُ، سُمِّيَتْ حاقَّةً لأَنها تَحُقُّ كلَّ إِنْسَانٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ؛ قَالَ ذَلِكَ الزَّجَّاجُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُمِّيَتْ حاقَّةً لأَن فِيهَا حَواقَّ الأُمور والثوابَ. والحَقَّةُ: حَقِيقَةُ الأَمر، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَمَّا عرفتَ الحَقَّةَ مِني هربْتَ، والحَقَّةُ والحاقَّةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقِيلَ: سَمِّيَتِ الْقِيَامَةُ حاقَّةً لأَنها تَحُقُّ كلَّ مُحاقٍّ فِي دِين اللَّهِ بِالْبَاطِلِ أَيْ كُلَّ مُجادِلٍ ومُخاصم فتحُقُّه أَيْ تَغْلِبه وتَخْصِمه، مِنْ قَوْلِكَ حاقَقْتُه أُحاقُّه حِقاقاً ومُحاقَّةً فحَقَقْتُه أحُقُّه أَيْ غَلَبْتُهُ وفَلَجْتُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَقَ فِي قَوْلِهِ الْحَاقَّةُ
: رُفِعَتْ بِالِابْتِدَاءِ، ومَا رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ أَيْضًا، والْحَاقَّةُ
الثَّانِيَةُ خَبَرُ مَا، وَالْمَعْنَى تَفْخِيمُ شَأْنِهَا كَأَنَّهُ قَالَ الحاقَّةُ أَيُّ شيءٍ الحاقَّةُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ
، مَعْنَاهُ أيُّ شيءٍ أعْلَمَكَ مَا الحاقَّةُ، وَمَا موضعُها رَفْعٌ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ أَدْراكَ؛ الْمَعْنَى مَا أعْلَمَكَ أيُّ شيءٍ الحاقَّةُ. وَمِنْ أَيْمَانِهِمْ: لَحَقُّ لأَفْعَلَنّ، مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ لَحَقُّ لَا آتِيكَ هُوَ يَمِينٌ لِلْعَرَبِ يَرْفَعُونَهَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ إِذَا جَاءَتْ بَعْدَ اللَّامِ، وَإِذَا أَزَالُوا عَنْهَا اللَّامَ قَالُوا حَقّاً لَا آتِيك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ لَحَقُّ اللَّهِ فنَزَّلَه مَنْزِلَةَ لَعَمْرُ اللهِ، وَلَقَدْ أُوجِبَ رفعُه لِدُخُولِ اللَّامِ كَمَا وَجب فِي قَوْلِكَ لَعَمْرُ اللَّهِ إِذَا كَانَ بِاللَّامِ. والحَقُّ: المِلْك. والحُقُقُ: الْقَرِيبُو الْعَهْدِ بالأُمور خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، قَالَ: والحُقُقُ المُحِقُّون لِمَا ادّعَوْا أَيْضًا. والحِقُّ مِنْ أَوْلَادِ الإِبل: الَّذِي بَلَغَ أَنْ يُرْكب ويُحمَل عَلَيْهِ ويَضْرِب، يَعْنِي أَنْ يَضْرِبَ الناقةَ، بيِّنُ الإِحقاقِ والاسْتحقاق، وَقِيلَ: إِذَا بَلَغَتْ أمُّه أوَانَ الحَمْل مِنَ الْعَامِ المُقْبِل فَهُوَ حِقٌّ بيِّنُ الحِقَّةِ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ بَعِيرٌ حِقٌّ بيِّنُ الحِقِّ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقِيلَ: إِذَا بَلَغَ هُوَ وأُخته أَنْ يُحْمَل عَلَيْهِمَا ويُركبا فَهُوَ حِقٌّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: سُمِّي حِقّاً لِاسْتِحْقَاقِهِ أَنْ يُحْمل عَلَيْهِ وَأَنْ يُنتفع بِهِ؛ تَقُولُ: هُوَ حِقٌّ بيِّنُ الحِقَّةِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَقِيلَ: الحِقُّ الَّذِي اسْتَكْمَلَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ؛ قَالَ:
إِذَا سُهَيْلٌ مَغْرِبَ الشَّمْسِ طَلَعْ، ... فابْنُ اللَّبونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ
وَالْجَمْعُ أحُقٌّ وحِقاقٌ، والأُنثى حِقَّة وحِقٌّ أَيْضًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِقَّةٌ بَيِّنَةُ الحِقَّةِ، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ بَيِّنة الحَقاقةِ والحُقُوقةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَبنية الْمُخَالِفَةِ لِلصِّفَةِ لأَن الْمَصْدَرَ فِي مِثْلِ هَذَا يُخَالِفُ الصِّفَةَ، وَنَظِيرُهُ فِي مُوَافَقَةِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمَصَادِرِ لِلِاسْمِ فِي الْبِنَاءِ قَوْلُهُمْ أسَدٌ بَيِّنُ الأَسد. قَالَ أَبُو مَالِكٍ: أحَقَّت البَكْرَة إِذَا اسْتَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَإِذَا لَقِحَت حِينَ تُحِقّ قِيلَ لَقِحت عليَّ كَرْهًا. والحِقَّةُ أَيْضًا: النَّاقَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ إِذَا جَازَتْ عِدَّتُها خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ ذِكْرُ الحِقِّ والحِقَّة، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حُقُقٌ وحَقائق؛ وَمِنْهُ قَوْلِ المُسَيَّب بْنِ عَلَس:
قَدْ نالَني مِنْهُ عَلَى عَدَمٍ ... مثلُ الفَسِيل، صِغارُها الحُقُقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ يَعُودُ عَلَى الْمَمْدُوحِ وَهُوَ حَسَّانُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَخُو النُّعْمَانِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا تُجْمَعُ عَلَى حَقائقَ مِثْلَ إفَالٍ وَأَفَائِلَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ نَادِرٌ؛ وَأَنْشَدَ لعُمارةَ بْنِ طَارِقٍ: