لشدَّة غَنائه، ويدُلك عَلَى أَن الْمُرَاعَاةَ فِي هَذَا إِنما هِيَ للدُّروع أَن النُّعْمَانَ قَدْ سمَّى دُروعه حَلْقة. وَفِي صُلْحِ خَيْبَرَ:
وَلِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ
؛ الحلْقةُ، بِسُكُونِ اللَّامِ: السلاحُ عَامًّا، وَقِيلَ: هِيَ الدُّرُوعُ خَاصَّةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وإِن لَنَا أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ.
ابْنُ سِيدَهْ: الحِلْق الْخَاتَمُ مِنَ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ فَصّ، والحِلق، بِالْكَسْرِ، خَاتَمُ المُلْك. ابْنُ الأَعرابي: أُعْطِيَ فُلَانٌ الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يَكُونُ فِي يَدِهِ؛ قَالَ:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ ... رَدِيفُ مُلوكٍ، مَا تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِجَرِيرٍ:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ. ... فَتًى منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحِلْق والإِحْرافِ. وَنَاقَةٌ حالِقٌ: حافِل، وَالْجَمْعُ حوَالِقُ وحُلَّقٌ. والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لِذَلِكَ كأَنَّ اللبَن فِيهِ إِلى حَلْقه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَالِقُ الضَّرْعُ، وَلَمْ يُحَلِّه، وَعِنْدِي أَنه المُمْتلئ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ الإِبل بالغَزارة:
وإِن لَمْ يكنْ إِلَّا الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ ... لَهَا حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
حُلَّقٌ: جَمْعُ حالِق، أَبدل ضراتُها مِنْ حُلَّق وَجَعَلَ شَكِرَاتِ خَبَرَ أَصبحت، وشَكِرات: مُمتلِئة مِنَ اللَّبَنِ؛ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ:
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلا الأَمالِيسُ رُوِّحَتْ، ... مُحَلّقةً، ضَرّاتُها شَكِراتِ
وَقَالَ: مُحلّقة حُفَّلًا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ حُلَّق مُمتلئة. وَقَالَ النَّضْرُ: الْحَالِقُ مِنَ الإِبل الشَّدِيدَةُ الحَفْل الْعَظِيمَةُ الضَّرّة، وَقَدْ حَلَقَت تحْلِقُ حَلْقاً. قَالَ الأَزهري: الْحَالِقُ مِنْ نَعْتِ الضُّروع جَاءَ بِمَعْنَيَيْنِ مُتضادَّين، وَالْحَالِقُ: الْمُرْتَفِعُ الْمُنْضَمُّ إِلى الْبَطْنِ لِقِلَّةِ لَبَنِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
حَتَّى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ، ... لَمْ يُبْلِه إِرْضاعُها وفِطامُها «١»
. فَالْحَالِقُ هُنَا: الضَّرْعُ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي قلَّ لَبَنُهُ، وإِسْحاقُه دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. وَالْحَالِقُ أَيضاً: الضَّرْعُ الْمُمْتَلِئُ وَشَاهِدُهُ مَا تقدَّم مِنْ بَيْتِ الْحُطَيْئَةِ لأَن قَوْلَهُ فِي آخِرِ الْبَيْتِ شَكِرَاتِ يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ اللَّبَنِ. وَقَالَ الأَصمعي: أَصبحت ضرةُ النَّاقَةِ حَالِقًا إِذا قَارَبَتِ المَلْء وَلَمْ تَفْعَلْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حلَّق اللَّبَنُ ذَهَبَ، وَالْحَالِقُ الَّتِي ذَهَبَ لَبَنُهَا؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وحلَق الضرعُ: ذَهَبَ لَبَنُهُ يَحْلِق حُلوقاً، فَهُوَ حَالِقٌ، وحُلوقُه ارْتِفَاعُهُ إِلى الْبَطْنِ وانضمامُه، وَهُوَ فِي قَوْلٍ آخَرَ كَثْرَةُ لَبَنِهِ. وَالْحَالِقُ: الضَّامِرُ. والحالقُ السَّرِيعُ الْخَفِيفُ. وحَلِقَ قَضِيبُ الْفُرْسِ وَالْحِمَارِ يَحْلَق حَلَقاً: احمرَّ وتقشَّر؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ ثَوْرٌ النَّمِرِي يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ دَاءٍ لَيْسَ لَهُ دَواء إِلا أَن يُخْصَى فَرُبَّمَا سَلِمَ وَرُبَّمَا مَاتَ؛ قَالَ:
خَصَيْتُكَ يَا ابنَ حَمْزَةَ بالقَوافي، ... كَمَا يُخْصَى مِنَ الحَلَقِ الحِمارُ
قَالَ الأَصمعي: يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ السِّفاد. وحَلِقَ الفرسُ وَالْحِمَارُ، بِالْكَسْرِ، إِذا سَفَد فأَصابه فَساد فِي قَضِيبه مِنْ تقشُّر أَوِ احْمرار فيُداوَى بالخِصاء. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشُّعَرَاءُ يَجْعَلُونَ الهِجاء
(١). في معلقة لبيد: يَئِسَت بدل يبست