قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنِيٍّ عَنِ المُتَفَيْهِق فَقَالَ: هُوَ المُتَفَخّم الْمُتَفَتِّحُ الْمُتَبَخْتِرُ. وَفِي حَدِيثٍ:
أَنَّ رَجُلًا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ فيُدْنى مِنَ الْجَنَّةِ فَتَتَفَهَّق لَهُ
أَيْ تتفتَّح وَتَتَّسِعُ. والفَيْهَقُ: الْبَلَدُ الْوَاسِعُ. وَرَجُلٌ مُتفَيْهق: مُتَفَتِّحٌ بالبَذَخ مُتَّسِعٌ. ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ شَيْءٍ تَوَسَّعَ فَقَدْ تَفَهّق. وَبِئْرٌ مفْهاق: كَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
عَلَى كُلِّ مِفْهاقٍ خَسِيفٍ غُرُوبُها، ... تُفَرِّغ فِي حَوْض مِنَ الْمَاءِ أسْجَلا
الغُروب هَاهُنَا: مَاؤُهَا. وتَفَيْهق فِي مِشْيَتِهِ: تَبَخْتَرَ، وتَفَيْحق كَتَفَيْهق عَلَى الْبَدَلِ. والمُنْفَهِقُ: الْوَاسِعُ؛ وَأَنْشَدَ:
والعِيسُ فَوْقَ لاحِب مُعَبَّدِ، ... غُبْرِ الحَصى مُنْفَهِقٍ عمَرَّدِ
وفَهِقَ الإِناءُ بِالْكَسْرِ، يَفْهَقُ فَهْقاً وفَهَقاً إِذَا امتلأَ حَتَّى يَتَصَبَّبَ. وأفْهَقْت السِّقَاءَ: ملأْته.
فوق: فَوْقُ: نَقِيضُ تَحْتٍ، يَكُونُ اسْمًا وَظَرْفًا، مَبْنِيٌّ، فَإِذَا أُضيف أُعرب، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ: أَفَوْقَ تَنَامُ أَم أَسفَلَ، بِالْفَتْحِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَرْكِ الْبِنَاءِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها
؛ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَمَا دُوَنَهَا، كَمَا تَقُولُ إِذَا قِيلَ لَكَ فُلَانٌ صَغِيرٌ تَقُولُ وفَوْقَ ذَلِكَ أَيْ أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فَمَا فَوْقَها أَيْ أَعْظَمُ مِنْهَا، يَعْنِي الذُّباب والعَنْكبوت. اللَّيْثُ: الفَوْق نَقِيضُ التَّحْتِ، فَمَنْ جَعَلَهُ صِفَةً كَانَ سَبِيلُهُ النَّصْبَ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ فَوْقَ زيدٍ لأَنه صِفَةٌ، فَإِنْ صَيَّرْتَهُ اسْمًا رَفَعْتَهُ فَقُلْتَ فوقُه رأسُه، صَارَ رَفْعًا هَاهُنَا لأَنه هُوَ الرَّأْسُ نَفْسُهُ، وَرَفَعْتَ كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ الفَوْقُ بِالرَّأْسِ، والرأسُ بالفَوْقِ. وَتَقُولُ: فَوْقَهُ قَلَنْسُوتُهُ، نَصَبْتَ الفَوْقَ لأَنه صِفَةُ عَيْنِ القَلَنْسُوة، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ
، لَا تَكَادُ تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ
لأَن عَلَيْهِمْ قَدْ تَنُوبُ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ فَوْقِهِمْ
هُنَا مُفِيدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الأَفعال الشَّاقَّةِ الْمُسْتَثْقَلَةِ عَلى، تَقُولُ قَدْ سِرْنا عشْراً وبَقيَتْ عَلَيْنَا لَيْلَتَانِ، وَقَدْ حَفِظْتُ الْقُرْآنَ وَبَقِيَتْ عَلَيَّ مِنْهُ سُورَتَانِ، وَقَدْ صُمْنَا عِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ وَبَقِيَ عَلَيْنَا عَشْرٌ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الِاعْتِدَادِ عَلَى الإِنسان بِذُنُوبِهِ وقُبْح أَفْعَالِهِ: قَدْ أَخرب عَلَيَّ ضَيْعَتي وأَعْطَبَ عليَّ عَواملي، فَعَلَى هَذَا لَوْ قِيلَ فخرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ وَلَمْ يُقَلْ مِنْ فَوْقِهِمْ، لَجَازَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ كَقَوْلِكَ قَدْ خَرِبَتْ عَلَيْهِمْ دَارُهُمْ، وَقَدْ هَلَكَتْ عَلَيْهِمْ مَوَاشِيهِمْ وَغِلَالُهُمْ، فَإِذَا قَالَ مِنْ فَوْقِهِمْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُحْتَمَلُ، وَصَارَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَقَطَ وَهُمْ مِنْ تَحْتِهِ، فَهَذَا مَعْنًى غيرُ الأَول، وَإِنَّمَا اطّردَتْ عَلَى فِي الأَفعال الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا مِثْلَ خَرِبَتْ عَلَيْهِ ضَيْعَتُه، وَبَطَلَتْ عَلَيْهِ عَواملهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ عَلى فِي الأَصل لِلِاسْتِعْلَاءِ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأَحوال كُلَفاً ومَشاقَّ تخفضُ الإِنسان وتَضَعُه وَتَعْلُوهُ وتَتَفَرَّعُه حَتَّى يَخْضَعَ لَهَا ويَخْنع لِمَا يَتَسَدَّاه مِنْهَا، كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاضِعِ عَلى، أَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ هَذَا لَكَ وَهَذَا عَلَيْكَ؟ فتَسْتعمل اللَّامُ فِيمَا تُؤثِرهُ وَعَلَى فِيمَا تَكْرَهُهُ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
سَأحْمِلُ نَفْسي عَلَى آلَةٍ، ... فإمَّا عَلَيْها وإمَّا لَها
وَقَالَ ابْنُ حِلِّزَةَ:
فلَهُ هنالِكَ، لَا عَلَيْهِ، إِذَا ... دَنِعَتْ نفوسُ القومِ للتَّعْسِ