المعِيشَةَ بَعْدَ فُلَانٍ أَي عَاشَ. وَقَدْ تَصابَبْتهم أَجمعين إِلا وَاحِدًا. وَمَضَتْ صُبَّة مِنَ اللَّيْلِ أَي طَائِفَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه ذَكَرَ فِتَنًا فَقَالَ:
لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبّاً، يضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بَعْضٍ.
والأَساود: الحيَّات. وَقَوْلُهُ صُبّاً، قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ الصَّبِّ. قَالَ: وَالْحَيَّةُ إِذا أَراد النَّهْش ارْتَفَعَ ثُمَّ صَبَّ عَلَى الْمَلْدُوغِ؛ وَيُرْوَى صُبَّى بِوَزْنِ حُبْلى. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ أَساوِدَ صُبّاً جَمْعُ صَبُوب وصَبِب، فَحَذَفُوا حَرَكَةَ الْبَاءِ الأُولى وأَدغموها فِي الباءِ الثَّانِيَةِ فَقِيلَ صَبٌّ، كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ صَبٌّ، والأَصل صَبِبٌ، فأَسقطوا حَرَكَةَ الْبَاءِ وأَدغموها، فَقِيلَ صَبٌّ كَمَا قَالَ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَنباري، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَصَحَّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ وَابْنِ الأَعرابي وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ فِي كِتَابِ الْفَاخِرِ فَقَالَ: سُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ قَوْلِهِ أَساوِدَ صُبّاً، فَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه كَانَ يَقُولُ: أَساوِدَ يُرِيدُ بِهِ جماعاتٍ سَواد وأَسْوِدَة وأَساوِد، وصُبّاً: يَنْصَبُّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقَتْلِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ أَساود صُبّاً عَلَى فُعْل، مِنْ صَبا يَصْبو إِذا مَالَ إِلى الدُّنْيَا، كَمَا يُقَالُ: غازَى وغَزا؛ أَراد لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساود أَي جَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفِينَ وطوائفَ مُتَنَابِذِينَ، صَابِئِينَ إِلى الفِتْنة، مَائِلِينَ إِلى الدُّنْيَا وزُخْرُفها. قَالَ: وَلَا أَدري مِنْ رَوَى عَنْهُ، وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: أَصله صَبَأَ عَلَى فَعَل، بِالْهَمْزِ، مِثْلُ صَابئٍ مِنْ صَبَا عَلَيْهِ إِذا زَرَى عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُهُ، ثُمَّ خَفَّفَ هَمَزَهُ ونوَّن، فَقِيلَ: صُبّاً بِوَزْنِ غُزًّا. يُقَالُ: صُبَّ رِجْلا فُلَانٍ فِي الْقَيْدِ إِذا قُيِّد؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حَدِيدِ مُجاشِع، ... مَعَ القَدْرِ، إِلّا حاجَة لِي أُرِيدُها
والصَّبَبُ: تَصَوُّبُ نَهر أَو طَرِيقٍ يَكُونُ فِي حَدورٍ. وَفِي
صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ إِذا مَشَى كأَنه يَنْحَطُّ فِي صَبَب
أَي فِي مَوْضِعٍ مُنْحدر؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَراد بِهِ أَنه قَوِيُّ الْبَدَنِ، فإِذا مَشَى فكأَنه يَمْشِي عَلَى صَدْر قَدَمَيْهِ مِنَ الْقُوَّةِ؛ وأَنشد:
الواطِئِينَ عَلَى صُدُورِ نِعالِهم، ... يَمْشونَ فِي الدّفْئِيِّ والإِبْرادِ
وَفِي رِوَايَةٍ:
كأَنما يَهْوِي مِنْ صبَب
«١»؛ ويُروى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ اسْمٌ لِما يُصَبُّ عَلَى الإِنسان مِنْ ماءٍ وَغَيْرِهِ كالطَّهُور والغَسُول، وَالضَّمُّ جَمْعُ صَبَبٍ. وَقِيلَ: الصَّبَبُ والصَّبُوبُ تَصوُّبُ نَهر أَو طَرِيقٍ. وَفِي حَدِيثِ الطَّوَافِ:
حَتَّى إِذا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي
أَي انْحَدَرَتَا فِي السَّعْيِ. وَحَدِيثُ الصَّلَاةِ:
لَمْ يُصْبِ رأْسَه
أَي يُمَيِّلْه إِلى أَسفل. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُسامة: فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إِلى السماءِ ثُمَّ يَصُبُّها عَلَيَّ، أَعرِف أَنه يَدْعُو لِي.
وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:
أَنه صَبَّ فِي ذَفِرانَ
، أَي مَضَى فِيهِ مُنْحَدِرًا وَدَافِعًا، وَهُوَ مَوْضِعٌ عِنْدَ بَدْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وسُئِلَ أَيُّ الطُّهُور أَفضل؟ قَالَ: أَن تَقُوم وأَنت صَبٌ
، أَي تَنْصَبُّ مِثْلَ الْمَاءِ؛ يَعْنِي يَنْحَدِرُ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَصباب؛ قَالَ رؤْبة:
بَلْ بَلَدٍ ذِي صُعُدٍ وأَصْبابْ
وَيُقَالُ: صَبَّ ذُؤَالةُ عَلَى غَنَمِ فُلَانٍ إِذا عَاثَ فِيهَا؛ وصبَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَوْطَ عَذَابِهِ إِذا عَذَّبَهُمْ؛ وصَبَّت الحيَّةُ عَلَيْهِ إِذا ارْتَفَعَتْ فَانْصَبَّتْ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ. والصَّبُوب مَا انْصَبَبْتَ فِيهِ وَالْجَمْعُ صُبُبٌ.
(١). قوله يَهْوِي مِنْ صَبَبٍ وَيُرْوَى بالفتح كذا بالنسخ التي بأَيدينا وفيها سقط ظاهر وعبارة شارح القاموس بعد أن قال يهوي من صبب كالصبوب ويروى إلخ.