وَمَا قَدَّسَ الرُّهْبانُ، فِي كلِّ هَيْكَلٍ، ... أَبِيلَ الأَبِيلِينَ، المَسِيحَ بْنَ مَرْيَما
لَقَدْ ذَاقَ مِنَّا عامِرٌ يومَ لَعْلَعٍ ... حُساماً، إِذا مَا هُزَّ بالكَفِّ صَمَّما
قَوْلُهُ أَبِيل الأَبِيلِين: أَضافه إِليهم عَلَى التَّسْنِيعِ لِقَدْرِهِ، وَالتَّعْظِيمِ لِخَطَرِهِ؛ وَيُرْوَى:
أَبِيلَ الأَبِيلِيين عيسى بْنَ مَرْيَمَا
عَلَى النَّسَبِ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَبِيلَ الأَبِيلِيين، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْخُ، وَالْجَمْعُ آبَال؛ وَهَذِهِ الأَبيات أَوردها الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ فِيهَا:
عَلَى قُنَّةِ الْعُزَّى وَبِالنَّسْرِ عَندما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَلف وَاللَّامُ فِي النَّسْرِ زَائِدَتَانِ لأَنه اسْمُ عَلَمٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَنَاتِ الأَوبر
قَالَ: وَمَا، فِي قَوْلِهِ وَمَا قَدَّسَ، مصدريةٌ أَي وَتَسْبِيحُ الرُّهْبَانِ أَبِيلَ الأَبِيلِيين. والأَيْبُلِيُّ: الرَّاهِبُ، فإِما أَن يَكُونَ أَعجميّاً، وإِما أَن يَكُونَ قَدْ غَيَّرَتْهُ يَاءُ الإِضافة، وَإِمَّا أَن يَكُونَ مِنْ بابِ انْقَحْلٍ، وقد قال سيبوبه: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَيْعِل؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ بَيْتَ الأَعشى:
وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ ... بَناهُ، وصَلَّب فِيهِ وَصارا
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يُسَمَّى أَبِيلَ الأَبِيلِين
؛ الأَبِيل بِوَزْنِ الأَمير: الرَّاهِبُ، سُمِّيَ بِهِ لتَأَبُّلِهِ عَنِ النِّسَاءِ وَتَرْكِ غشْيانهن، وَالْفِعْلُ مِنْهُ أَبَلَ يَأْبُلُ أَبَالَة إِذا تَنَسَّك وتَرَهَّب. أَبو الْهَيْثَمِ: الأَيْبُلِيُّ والأَيْبُلُ صاحبُ النَّاقُوسِ الَّذِي يُنَقّسُ النَّصَارَى بِنَاقُوسِهِ يَدْعُوهُمْ بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ؛ وأَنشد:
وَمَا صَكَّ ناقوسَ الصلاةِ أَبِيلُها
وَقِيلَ: هُوَ رَاهِبُ النَّصَارَى؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
إِنَّني وَاللَّهِ، فاسْمَعْ حَلِفِي ... بِأَبِيلٍ كُلَّما صَلى جأَرَ
وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ الأَبِيل فَيَحْلِفُونَ بِهِ كَمَا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ. والأَبَلَة، بِالتَّحْرِيكِ. الوَخامة والثِّقلُ مِنَ الطَّعَامِ. والأَبَلَةُ: العاهةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبعِ الثَّمَرَةَ حَتَّى تَأْمَنَ عَلَيْهَا الأَبَلَة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأُبْلَةُ بِوَزْنِ العُهْدة الْعَاهَةُ وَالْآفَةُ، رأَيت نُسْخَةً مِنْ نُسَخِ النِّهَايَةِ وَفِيهَا حَاشِيَةٌ قَالَ: قَوْلُ أَبي مُوسَى الأُبْلَة بِوَزْنِ الْعُهْدَةِ وَهْمٌ، وَصَوَابُهُ الأَبَلَة، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، كَمَا جَاءَ فِي أَحاديث أُخر. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمَر: كلُّ مَالٍ أَديت زَكَاتَهُ فَقَدْ ذَهَبَتْ أَبَلَتُهُ
أَي ذَهَبَتْ مَضَرَّتُهُ وَشَرُّهُ، وَيُرْوَى
وَبَلَته
؛ قَالَ: الأَبَلَةُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ، الثِّقَل والطَّلِبة، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَبَالِ، فإِن كَانَ مِنَ الأَول فَقَدْ قُلِبَتْ هَمْزَتُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَاوًا، وإِن كَانَ مِنَ الثَّانِي فَقَدْ قُلِبَتْ وَاوُهُ فِي الرِّوَايَةِ الأُولى هَمْزَةً كَقَوْلِهِمْ أَحَدٌ وأَصله وَحَدٌ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
كُلُّ مَالٍ زُكِّيَ فَقَدْ ذَهَبَتْ عَنْهُ أَبَلَتُه
أَي ثِقَلُهُ ووَخامته. أَبو مَالِكٍ: إِن ذَلِكَ الأَمر مَا عَلَيْكَ فِيهِ أَبَلَةٌ وَلَا أَبْهٌ أَي لَا عَيْبَ عَلَيْكَ فِيهِ. وَيُقَالُ: إِن فَعَلْتَ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجْتَ مِنْ أَبَلَته أَي مِنْ تَبِعته وَمَذَمَّتِهِ. ابْنُ بَزْرَجٍ: مَا لِي إِليك أَبِلَة أَي حَاجَةٌ، بِوَزْنِ عَبِلة، بِكَسْرِ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ السَّحَابِ