الْمُنْزَعِجُ؛ قَالَ أَبو الرُّبَيْس التَّغْلَبي «٣» وَاسْمُهُ عبَّاد بْنُ طَهْفه بْنِ مازِن، وثَعْلَبة هُوَ ابْنُ مَازِنٍ:
مُراجِعُ نَجْدٍ بَعْدَ فَرْكٍ وبِغْضَةٍ، ... مُطَلِّقُ بُصْرَى أَصْمَعُ القَلْبِ جَافِلُه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما ابْنُ جِنِّي فَقَالَ أَجْفَلَ الظَّليمُ وجَفَلَته الريحُ، جَاءَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ مَعْكُوسَةً مُخَالِفَةً لِلْعَادَةِ، وَذَلِكَ أَنك تَجِدُ فِيهَا فَعَلَ مُتَعَدِّيًا وأَفْعَل غَيْرَ متعدٍّ، قَالَ: وَعِلَّةُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنه جَعَلَ تَعَدِّي فَعَلْت وَجُمُودَ أَفعلت كَالْعِوَضِ لفَعَلْت مِنْ غَلَبَةِ أَفْعَلْت لَهَا عَلَى التَّعَدِّي، نَحْوَ جَلَسَ وأَجلسته وَنَهَضَ وأَنهضته، كَمَا جُعِلَ قَلْبُ الْيَاءِ وَاوًا فِي التَّقْوى والدَّعْوى والثّنْوى والفَتْوى عِوَضًا لِلْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ عَلَيْهَا، وَكَمَا جُعِلَ لُزُومُ الضَّرْبِ الأَول مِنَ الْمُنْسَرِحِ لِمُفْتَعِلِنْ، وَحَظَرَ مَجِيئَهُ تَامًّا أَو مَخْبُونًا، بَلْ تُوبِعَتْ فِيهِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ أَلْبَتَّةَ تَعْوِيضًا لِلضَّرْبِ مِنْ كَثْرَةِ السَّوَاكِنِ فِيهِ نَحْوَ مَفْعُولِنْ وَمَفْعُولَانِ وَمُسْتَفْعِلَانِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا الْتَقَى فِي آخِرِهِ مِنَ الضَّرْبِ سَاكِنَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يَلِي رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ أُمور الْمُسْلِمِينَ إِلا جِيءَ بِهِ فيُجْفَل عَلَى شَفير جَهَنَّمَ.
والجُفُول: سُرْعَةُ الذَّهَابِ والنُّدود فِي الأَرض. يُقَالُ: جَفَلَت الإِبل جُفُولًا إِذا شَرَدَت نادَّة، وجَفَلَت النَّعامةُ. والإِجْفِيل: الجَبان. وظليمٌ إِجْفِيل: يَهْرُب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي صِفَةِ الظَّليم:
بالمَنْكِبَيْن سُخام الرِّيش إِجْفِيل
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلرَّاعِي:
يَراعَةً إِجْفِيلا
وأَجْفَلَ القومُ أَي هَرَبُوا مُسْرِعِينَ. وَرَجُلٌ إِجْفِيل: نَفُورٌ جَبان يَهْرُب من كل شيء فَرَقاً، وَقِيلَ: هُوَ الجَبان مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وأَجْفَلَ القومُ: انْقَلَعُوا كُلُّهم فَمَضوْا؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
لَا يُجْفِلون عَنِ المُضافِ، وَلَوْ رَأَوْا ... أُولَى الوَعاوِعِ كالغُطاط المُقْبل
وانْجَفَل الْقَوْمُ انْجِفَالًا إِذا هَرَبُوا بِسُرْعَةٍ وَانْقَلَعُوا كُلُّهم ومَضَوْا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا قدِمَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ الناسُ قِبَله
أَي ذَهَبُوا مُسْرِعِينَ نَحْوَهُ. وانْجَفَلَتِ الشجرةُ إِذا هَبّت بِهَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ فقَعَرَتْها. وَانْجَفَلَ الظلُّ: ذَهَبَ. والجُفَالَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ ذَهَبُوا أَو جاؤوا. ودَعاهم الجَفَلَى والأَجْفَلَى أَي بِجَمَاعَتِهِمْ، والأَصمعي لَمْ يَعْرِفِ الأَجْفَلَى، وَهُوَ أَن تَدْعُوَ النَّاسَ إِلى طَعَامِكَ عامَّة، قَالَ طَرَفَةُ:
نَحْنُ فِي المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلَى، ... لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِر
قَالَ الأَخفش: دُعِيَ فُلَانٌ فِي النَّقَرَى لَا فِي الجَفَلَى والأَجْفَلَى أَي دُعي فِي الْخَاصَّةِ لَا فِي الْعَامَّةِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَ الْقَوْمُ أَجْفَلَة وأَزْفَلة أَي جماعة، وجاؤوا بأَجْفَلَتهم وأَزْفَلَتهم أَي بِجَمَاعَتِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الأَجْفَلَى والأَزْفَلَى الْجَمَاعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وجَفَل الشعرُ يَجْفِلُ جُفُولًا: شَعِثَ. وجُمَّة جَفُول: عَظِيمَةٌ. وشَعَر جُفَال: كَثِيرٌ. والجُفَال، بِالضَّمِّ: الصُّوف الْكَثِيرُ. وأَخذت جُفْلَة
(٣). قوله التغلبي كذا في الأصل بالمثناة والمعجمة، وسبق مثله في ترجمة ربس: وأنه من شعراء تغلب، وفي القاموس: الثعلبي، قال شارحه مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ سعد، كذا قاله الصاغاني وذكره ابن الكلبي وغيره وهو الصواب وما في اللسان تصحيف