الْيَاءِ، بخَطِّ الحامِض، وَالصَّحِيحُ المُتَغَيِّب، بِالْكَسْرِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَعْطِ الْحَالِفَ حُلَّانَ يَمينه أَي مَا يُحَلِّل يَمِينَهُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: لأَفعلن كَذَا إِلَّا حِلُّ ذَلِكَ أَن أَفعل كَذَا أَي وَلَكِنْ حِلُّ ذَلِكَ، فحِلُّ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهَا؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: مَعْنَاهُ تَحِلَّةُ قَسَمِي أَو تحليلُه أَن أَفعل كَذَا. وَقَوْلُهُمْ: فَعَلْتُهُ تَحِلَّة القَسَم أَي لَمْ أَفعل إِلا بِمِقْدَارِ مَا حَلَّلت بِهِ قَسَمي وَلَمْ أُبالِغ. الأَزهري: وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلَاثَةُ أَولاد فتَمَسّه النَّارُ إِلا تَحِلَّة القَسَم
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ تَحِلَّة القَسَم قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها، قَالَ: فإِذا مَرَّ بِهَا وَجَازَهَا فَقَدْ أَبَرَّ اللَّهُ قَسَمَه. وَقَالَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ: لَا قَسَم فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها، فَكَيْفَ تَكُونُ لَهُ تَحِلَّة وإِنما التَّحِلَّة للأَيْمان؟ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلا تَحِلَّة القَسَم إِلا التعذير الذي لا يَبْدَؤُه مِنْهُ مَكْرُوهٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ العَرَب: ضَرَبْته تَحْلِيلًا ووَعَظْته تَعْذيراً أَي لَمْ أُبالِغ فِي ضَرْبِهِ ووَعْظِه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَل فِي القَلِيل المُفْرِط القِلَّة وَهُوَ أَن يُباشِر مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يُقْسِم عَلَيْهِ المقدارَ الَّذِي يُبِرُّ بِهِ قَسَمَه ويُحَلِّلُه، مِثْلَ أَن يَحْلِفَ عَلَى النُّزُولِ بِمَكَانٍ فَلَوْ وَقَع بِهِ وَقْعة خَفِيفَةً أَجزأَته فَتِلْكَ تَحِلَّة قَسَمِه، وَالْمَعْنَى لَا تَمَسُّه النَّارُ إِلا مَسَّة يَسِيرَةً مِثْلَ تَحِلَّة قَسَم الْحَالِفِ، وَيُرِيدُ بتَحِلَّتِه الوُرودَ عَلَى النَّارِ والاجْتيازَ بِهَا، قَالَ: وَالتَّاءُ فِي التَّحِلَّة زَائِدَةٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنْ حَرَس لَيْلَةً مِنْ وَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ مُتَطَوِّعاً لَمْ يأْخذه الشَّيْطَانُ وَلَمْ يَرَ النَّارَ تَمَسُّه إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
، قَالَ الأَزهري: وأَصل هَذَا كُلِّهِ مِنْ تَحْلِيلِ الْيَمِينِ وَهُوَ أَن يَحْلِفَ الرَّجُلُ ثُمَّ يَسْتَثْنِيَ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ غَيْرَ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا، يُقَالُ: آلَى فُلَانٌ أَلِيَّة لَمْ يَتَحَلَّل فِيهَا أَي لَمْ يَسْتثْنِ ثُمَّ جَعَلَ ذَلِكَ مَثَلًا لِلتَّقْلِيلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَخْدِي عَلَى يَسَراتٍ، وَهِيَ لَاحِقَةٌ، ... بأَرْبَعٍ، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل «٢»
. وَفِي حَوَاشِي ابْنِ بَرِّيٍّ:
تَخْدِي عَلَى يَسَرات، وَهِيَ لَاحِقَةٌ، ... ذَوَابِل، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
أَي قَلِيلٌ «٣» كَمَا يَحْلِفُ الإِنسان عَلَى الشَّيْءِ أَن يَفْعَلَهُ فَيَفْعَلَ مِنْهُ الْيَسِيرَ يُحَلِّل بِهِ يَمِينه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُرِيدُ وَقْعَ مَناسِم النَّاقَةِ عَلَى الأَرض مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَرَى إِبلي عَافَتْ جَدُودَ، فَلَمْ تَذُقْ ... بِهَا قَطْرَةً إِلا تَحِلَّة مُقْسِم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لعَبْدَةَ بْنِ الطَّبِيبِ:
تُحْفِي الترابَ بأَظْلافٍ ثَمانية ... فِي أَرْبَع، مَسُّهنَّ الأَرضَ تَحْلِيلُ
أَي قَلِيلٌ هَيِّن يَسِيرٌ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَمْعَن فِي وَعِيد أَو أَفرط فِي فَخْر أَو كَلَامٍ: حِلًّا أَبا فُلَانٍ أَي تَحَلَّلْ فِي يَمِينِكَ، جَعَلَهُ فِي وَعِيدِهِ إِياه كَالْيَمِينِ فأَمره بِالِاسْتِثْنَاءِ أَي اسْتَثْن يَا حَالِفُ واذْكُر حِلًّا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَنه قَالَ لامرأَة حَلَفت أَن لَا تُعْتِق مَوْلاة لَهَا فَقَالَ لَهَا: حِلًّا أُمَّ فُلَانٍ، وَاشْتَرَاهَا وأَعتقها
، أَي تَحَلَّلِي مِنْ يَمِينِكِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ مَعَدِيكَرِبَ: قال
(٢). قوله لاحقة في نسخة النهاية التي بأيدينا: لاهية
(٣). قوله أي قليل هذا تفسير لتحليل في البيت