وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَحْلِلْ
يَحْلُلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى؛ قرئَ وَمَنْ يَحْلُل ويَحْلِلْ
، بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وكذلك قرئَ: فَيَحِلَ
فَيَحُلَ عَلَيْكُمْ غَضَبِي، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْكَسْرُ فِيهِ أَحَبُّ إِليَّ مِنَ الضَّمِّ لأَن الحُلُول مَا وَقَعَ مِنْ يَحُلُّ، ويَحِلُّ يَجِبُ، وَجَاءَ بِالتَّفْسِيرِ بِالْوُجُوبِ لَا بِالْوُقُوعِ، قَالَ: وكلٌّ صَوَابٌ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ
، فَهَذِهِ مَكْسُورَةٌ، وإِذا قُلْتَ حَلَّ بِهِمُ العذابُ كَانَتْ تَحُلُّ لَا غَيْرَ، وإِذا قُلْتَ عَليَّ أَو قُلْتَ يَحِلُّ لَكَ كَذَا وَكَذَا، فَهُوَ بِالْكَسْرِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَنْ قَالَ يَحِلُّ لَكَ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَمَنْ قرأَ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ
فَمَعْنَاهُ فيَجِب عَلَيْكُمْ، وَمَنْ قرأَ
فيَحُلَ
فَمَعْنَاهُ فيَنْزِل؛ قَالَ: وَالْقِرَاءَةُ وَمَنْ يَحْلِلْ
بِكَسْرِ اللَّامِ أَكثر. وحَلَّ المَهْرُ يَحِلُّ أَي وَجَبَ. وحَلَّ الْعَذَابُ يَحِلُّ، بِالْكَسْرِ، أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بِالضَّمِّ، أَي نَزَلَ. وأَما قَوْلُهُ أَو تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ، فَبِالضَّمِّ، أَي تَنْزل. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِد رِيحَ نَفَسه إِلَّا مَاتَ
أَي هُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ وَاقِعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ؛ أَي حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
حَلَّت لَهُ شَفَاعَتِي
، وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى غَشِيَتْه ونَزَلَتْ بِهِ، فأَما قَوْلُهُ: لَا يَحُلُّ المُمْرِض عَلَى المُصِحّ، فَبِضَمِّ الْحَاءِ، مِنَ الحُلول النزولِ، وَكَذَلِكَ فَلْيَحْلُل، بِضَمِّ اللَّامِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ
، فَقَدْ يَكُونُ المصدرَ وَيَكُونُ الموضعَ. وأَحَلَّت الشاةُ والناقةُ وَهِيَ مُحِلٌّ: دَرَّ لبَنُها، وَقِيلَ: يَبِسَ لبنُها ثُمَّ أَكَلَت الرَّبيعَ فدَرَّت، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بأَنه نُزُولُ اللَّبَنِ مِنْ غَيْرِ نِتاج، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَكِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا مَيَاسِراً، ... وحائلَ حُول أَنْهَزَتْ فأَحَلَّتِ «١»
. يَصِفُ إِبلًا وَلَيْسَتْ بِغَنَمٍ لأَن قَبْلَ هَذَا:
فَلو أَنَّها كَانَتْ لِقَاحِي كَثيرةً، ... لَقَدْ نَهِلَتْ مِنْ مَاءِ جُدٍّ وعَلَّت «٢»
. وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ:
غُيوث تَلتَقي الأَرحامُ فِيهَا، ... تُحِلُّ بِهَا الطَّروقةُ واللِّجاب
وأَحَلَّت الناقةُ عَلَى وَلَدِهَا: دَرَّ لبنُها، عُدِّي بعَلى لأَنه فِي مَعْنَى دَرَّت. وأَحَلَّ المالُ فَهُوَ يُحِلُّ إِحْلالًا إِذا نَزَلَ دَرُّه حِينَ يأْكل الرَّبِيعَ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ: المَحالُّ الْغَنَمُ الَّتِي يَنْزِلُ اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِهَا مِنْ غَيْرِ نِتاج وَلَا وِلاد. وتَحَلَّل السَّفَرُ بِالرَّجُلِ: اعْتَلَّ بَعْدَ قُدُومِهِ. والإِحْلِيل والتِّحْلِيل: مَخْرَج الْبَوْلِ مِنَ الإِنسان ومَخْرج اللَّبَنِ مِنَ الثَّدْيِ والضَّرْع. الأَزهري: الإِحْلِيل مَخْرج اللَّبَنِ مِنْ طُبْي النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا. وإِحْلِيل الذَّكَرِ: ثَقْبه الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ، وَجَمْعُهُ الأَحالِيل؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تُمِرُّ مثلَ عَسِيب النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ، ... بِغَارِبٍ، لَمْ تُخَوِّنْه الأَحَالِيل
هُوَ جَمْعُ إِحْلِيل، وَهُوَ مَخْرَج اللَّبَنِ مِنَ الضَّرْع، وتُخَوِّنه: تَنْقُصه، يَعْنِي أَنه قَدْ نَشَفَ لبنُها فَهِيَ سَمِينَةٌ لَمْ تَضْعُفْ بِخُرُوجِ اللَّبَنِ مِنْهَا. والإِحْلِيل: يقع
(١). قوله أَنهزت أورده في ترجمة نهز بلفظ أنهلت باللام، وقال بعده: وَرَوَاهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَنْهَزَتْ بالزاي ولا وجه له
(٢). قوله من ماء جد روي بالجيم والحاء كما أورده في المحلين