وأَنشد الجوهري لَطَرفة:
ذُلُقٌ فِي غَارَةٍ مَسْفُوحَةٍ، ... كَرِعَال الطَّيْرِ أَسراباً تَمُرّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رِوَايَةُ الأَصمعي فِي صَدْرِ هَذَا الْبَيْتِ:
ذُلُق الْغَارَةِ فِي أَفْراعِهم
وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ:
ذُلُق فِي غَارَةٍ مَسْفُوحَةٍ، ... ولَدى البأْس حُمَاةٌ مَا تَفِرّ
قَالَ: وَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ الرَّعْلة الْقِطْعَةُ مِنَ الطَّيْرِ، وَعَلَيْهِ يَصِحُّ شَاهِدُهُ لَا عَلَى الْخَيْلِ، قَالَ: والرَّعْلَة الْقِطْعَةُ مِنَ الْخَيْلِ، مُتَقَدِّمَةٌ كَانَتْ أَو غَيْرُ مُتَقَدِّمَةٍ. قَالَ: وأَما الرَّعِيل فَهُوَ اسْمُ كُلِّ قِطْعَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مِنْ خَيْلٍ وَجَرَادٍ وَطَيْرٍ وَرِجَالٍ وَنُجُومٍ وَإِبِلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ: وَشَاهِدُ الرَّعِيل للإِبل قَوْلُ القُحَيف العُقَيلي:
أَتَعْرِف أَم لَا رَسْمَ دارٍ مُعَطَّلا، ... مِنَ الْعَامِ يَغْشَاهُ، وَمَنْ عَامَ أَوَّلا؟
قِطارٌ وتاراتٍ حَريق، كأَنَّها ... مَضَلَّة بَوٍّ فِي رَعِيل تَعَجَّلا
وَقَالَ الرَّاعِي:
يَحْدُون حُدْباً مَائِلًا أَشرافها، ... فِي كُلِّ مَنْزِلةٍ يَدَعْنَ رَعِيلا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرَّعِيل كالرَّعْلة، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِذ لَا أُبادِر فِي المَضِيق فَوَارِسِي، ... أَو لَا أُوَكَّل بالرَّعِيل الأَول
وَيَكُونُ مِنَ الْبَقَرِ؛ قَالَ:
تَجَرَّدُ مِنْ نَصِيَّتها نَواجٍ، ... كَمَا يَنْجو مِنَ البَقَر الرَّعِيلُ
وَالْجَمْعُ أَرْعَال وأَرَاعِيل، فإِما أَن يَكُونَ أَرَاعِيل جَمْعَ الْجَمْعِ، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ رَعِيل كقَطِيع وأَقاطِيع، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ لِلْقِطْعَةِ مِنَ الفُرْسان رَعْلة، وَلِجَمَاعَةِ الْخَيْلِ رَعِيل. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: سِراعاً إِلى أَمره رَعِيلًا
أَي رُكَّاباً عَلَى الْخَيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْل: فكأَني بالرَّعْلة الأُولى حِينَ أَشْفَوا عَلَى المَرْج كَبَّروا، ثُمَّ جَاءَتِ الرَّعْلة الثَّانِيَةُ، ثُمَّ جَاءَتِ الرَّعْلة الثَّالِثَةُ
؛ قَالَ: يُقَالُ للقِطْعة مِنَ الفُرْسان رَعْلة، وَلِجَمَاعَةِ الْخَيْلِ رَعِيل. والمُسْتَرْعِل: الَّذِي يَنْهَض فِي الرَّعِيل الأَول، وَقِيلَ: هُوَ الْخَارِجُ فِي الرَّعِيل، وَقِيلَ: هُوَ قَائِدُهَا كأَنه يَسْتَحِثُّها؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا:
مَتَى تَبْغِني، مَا دُمْت حَيًّا مُسَلّماً، ... تَجِدْني مَعَ المُسْترعِل المُتَعَبْهل
وَقِيلَ: المُسْترعِل ذُو الإِبل، وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي المسترعِل فِي هَذَا الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بجَيِّد. والرَّعْل: أَنف الْجَبَلِ كالرَّعْن، لَيْسَتْ لَامُهُ بَدَلًا مِنَ النُّونَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما رَعْل الْجَبَلِ، بِاللَّامِ، فَمِنَ الرَّعْلَة والرَّعِيل وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنَ الْخَيْلِ، وَذَلِكَ أَن الْخَيْلَ تُوصَفُ بِالْحَرَكَةِ وَالسُّرْعَةِ. وأَرَاعِيل الرِّيَاحِ: أَوائلُها، وَقِيلَ: دُفَعُها إِذا تَتَابَعَتْ. وأَرَاعِيل الجَهام: مُقَدِّماتُها وَمَا تَفَرَّق مِنْهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تُزْجي أَرَاعِيلَ الجَهام الخُور
والرَّعْلة: النَّعامة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَقَدَّمُ فَلَا تكادُ