وَقَدْ قِيلَ: إِن اشتقاقَ الطَّبِيبِ مِنْهُ، وَلَيْسَ بقويٍّ. وكلُّ حاذقٍ بعمَله: طبيبٌ عِنْدَ الْعَرَبِ. وَرَجُلُ طَبٌّ، بِالْفَتْحِ، أَي عَالِمٌ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ طَبٌّ بِكَذَا أَي عَالِمٌ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمان وأَبي الدَّرْدَاءِ: بَلَغَنِي أَنك جُعِلْتَ طَبيباً.
الطَّبيبُ فِي الأَصل: الحاذقُ بالأُمور، الْعَارِفُ بِهَا، وَبِهِ سُمِّيَ الطَّبِيبُ الَّذِي يُعالج المَرْضى، وكُنِيَ بِهِ هَاهُنَا عَنِ الْقَضَاءِ والحُكْمِ بَيْنَ الْخُصُومِ، لأَن مَنْزِلَةَ الْقَاضِي مِنَ الْخُصُومِ، بِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ مِنْ إِصلاح البَدَن. والمُتَطَبِّبُ: الَّذِي يُعاني الطِّبَّ، وَلَا يَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً. وفَحْلٌ طَبٌّ: ماهِرٌ حاذِقٌ بالضِّراب، يعرفُ اللاقِح مِنَ الْحَائِلِ، والضَّبْعَة مِنَ المَبْسورةِ، ويَعرفُ نَقْصَ الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ، ويَكْرُفُ ثُمَّ يعودُ ويَضْرِبُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبي: وَوصَفَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: كَانَ كالجَمَلِ الطَّبِ
، يَعْنِي الحاذقَ بالضِّرابِ. وَقِيلَ: الطَّبُّ مِنَ الإِبل الَّذِي لَا يَضَعُ خُفَّه إِلا حيثُ يُبْصِرُ، فَاسْتَعَارَ أَحدَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لأَفْعاله وخِلاله. وَفِي الْمَثَلِ: أَرْسِلْه طَبّاً، وَلَا تُرْسِلْهُ طَاطًا. وَبَعْضُهُمْ يَرْويه: أَرْسِلْه طَابًا. وَبَعِيرٌ طَبٌّ: يتعاهدُ مَوْضِعَ خُفِّه أَينَ يَطَأُ بِهِ. والطِّبُّ والطُّبُّ: السِّحْر؛ قَالَ ابْنُ الأَسْلَت:
أَلا مَن مُبْلِغٌ حسّانَ عَنِّي، ... أَطُبٌّ طِبٌ، كانَ دَاؤُكَ، أَم جُنونُ؟
وَرَوَاهُ سِيبَوَيْهِ: أَسِحْرٌ كَانَ طِبُّكَ طُبُّكَ؟ وَقَدْ طُبَّ الرجلُ. والمَطْبوبُ: المَسْحورُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِنما سُمِّيَ السِّحْرُ طُبّاً عَلَى التَّفاؤُلِ بالبُرْءِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنه الحِذْقُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه احْتَجَمَ بقَرْنٍ حِينَ طُبَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: طُبَّ أَي سُحِرَ. يُقَالُ مِنْهُ: رجُل مَطْبوبٌ أَي مَسْحور، كَنَوْا بالطِّبِّ عَنِ السِّحْر، تَفاؤُلًا بالبُرءِ، كَمَا كَنَوْا عَنِ اللَّديغ، فَقَالُوا سليمٌ، وَعَنِ المَفازة، وَهِيَ مَهْلكة، فَقَالُوا مَفازة، تَفاؤُلًا بالفَوز والسَّلامة. قَالَ: وأَصلُ الطَّبِّ: الحِذْق بالأَشياءِ والمهارةُ بِهَا؛ يُقَالُ: رَجُلٌ طَبٌّ وطَبِيبٌ إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وإِن كَانَ فِي غَيْرِ عِلَاجِ الْمَرَضِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِن تُغْدِفي دُونِي القِناعَ، فإِنَّني، ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِم
وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
فإِن تَسْأَلوني بالنساءِ، فإِنَّني ... بَصيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبيبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَعَلَّ طَبّاً أَصابَه
أَي سِحراً. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إِنه مَطْبوبٌ.
وَمَا ذاكَ بِطِبِّي أَي بدهْري وَعَادَتِي وشأْني. والطِّبُّ: الطَّويَّة وَالشَّهْوَةُ والإِرادة؛ قَالَ:
إِنْ يَكُنْ طِبُّكِ الفِراقَ، فإِن البَينَ ... أَنْ تَعْطِفي صُدورَ الجِمالِ
وَقَوْلُ فَرْوةَ بنَ مُسَيْكٍ المُرادِي:
فإِنْ نَغْلِبْ فَغَلّابونَ، قِدْماً، ... وإِنْ نُغْلَبْ فغَيرُ مُغَلَّبِينا
فَمَا إِنْ طِبُّنا جُبْنٌ، وَلَكِنْ ... مَنايانا ودَوْلةُ آخَرينا
كَذَاكَ الدهرُ دَوْلَتُه سِجالٌ، ... تَكُرُّ صُروفُه حِيناً فَحِينَا