وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التَّنُّومةُ، بِالْهَاءِ، شَجَرَةٌ مِنَ الجَنْبَةِ عَظِيمَةٌ تَنْبُتُ، فِيهَا حَبٌّ كالشَّهْدانِج يَدَّهِنون بِهِ ويأْتَدِمونه، ثُمَّ تَيْبَس عِنْدَ دُخُولِ الشِّتاء وَتَذْهَبُ؛ هَذَا كُلُّهُ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ الأَزهري: التَّنُّومة شَجَرَةٌ رأَيتها فِي الْبَادِيَةِ يضرِب لَوْنُ ورَقها إِلى السَّوَادِ، وَلَهَا حَبٌّ كَحَبِّ الشَّهْدانِج أَو أَكبر مِنْهَا قَلِيلًا، ورأَيت نِسَاءَ الْبَادِيَةِ يَدْقُقْن حبَّه ويَعْتَصِرْن مِنْهُ دُهناً أَزرق فِيهِ لُزوجة، ويَدَّهِنَّ بِهِ إِذا امْتَشَطْن. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّنُّوم حبَّة دَسِمة غَبْراء. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّنُّومة تَمِهة الطَّعْم لَا يَحْمَدُها الْمَالُ. وتَنَمَ البعيرُ، بِتَخْفِيفِ النُّونِ: أَكل التَّنُّوم.
تهم: تَهِمَ الدُّهْنُ واللحمُ تَهَماً، فَهُوَ تَهِمٌ: تَغَيَّرَ. وَفِيهِ تَهَمةٌ أَي خُبْث رِيح نَحْوُ الزُّهومة. والتَّهَمُ: شدَّة الحرِّ وسكونُ الرِّيحِ. وتِهامةُ: اسْمُ مَكَّةَ وَالنَّازِلُ فِيهَا مُتْهِمٌ، يَجُوزُ أَن يَكُونَ اشتِقاقُها مِنْ هَذَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأَوَّل لأَنها سَفُلتْ عَنْ نَجْدٍ فَخبُث ريحُها، وَقِيلَ: تِهامةُ بَلَدٌ، وَالنَّسَبُ إِليه تِهامِيٌّ وتَهامٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم بَنَوا الِاسْمَ عَلَى تَهْمِيّ أَو تَهَمِيٍّ، ثُمَّ عوَّضوا الأَلف قَبْلَ الطَّرف مِنْ إِحْدى الياءَين اللَّاحِقَتين بَعْدَهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا يدُلُّك عَلَى أَن الشَّيْئَيْنِ إِذا اكتَنَفا الشَّيْءَ مِنْ نَاحِيَتِهِ تقاربَتْ حَالَاهُمَا وحالاهُ بِهِمَا، ولأَجله وبسبَبه مَا ذهَب قَوْمٌ إِلى أَن حَرَكَةَ الْحَرْفِ تَحْدُث قَبْلَهُ، وَآخَرُونَ إِلى أَنها تَحْدُث بَعْدَهُ، وَآخَرُونَ إِلى أَنها تحدُث مَعَهُ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَذَلِكَ لغُمُوضِ الأَمر وَشِدَّةِ القُرْب، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي شَآمٍ ويَمانٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن قُلْتَ فإِنَّ فِي تِهامةَ أَلِفاً فلِمَ ذهَبْتَ فِي تَهام إِلى أَن الأَلف عِوَض مِنْ إِحْدَى ياءَي الإِضافة؟ قِيلَ: قَالَ الْخَلِيلُ فِي هَذَا إِنهم كأَنهم نسَبوا إِلى فَعْل أَو فَعَل، فكأَنهم فَكُّوا صِيغة تِهامةَ فأَصاروها إِلى تَهْمٍ أَو تَهَم، ثُمَّ أَضافوا إِليه فَقَالُوا تَهامٍ، وإِنما مثَّل الْخَلِيلُ بَيْنَ فَعْل وفَعَل وَلَمْ يَقْطَعْ بأَحدهما لأَنه قَدْ جَاءَ هَذَا الْعَمَلُ فِي هَذَيْنِ جَمِيعًا، وَهُمَا الشَّامُ وَالْيَمَنُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا التَّرْخيم الَّذِي أَشرف عَلَيْهِ الْخَلِيلُ ظَنًّا قَدْ جَاءَ بِهِ السَّمَاعُ نَصًّا؛ أَنْشَدَ أَحمد بْنُ يَحْيَى:
أَرَّقَنِي الليلةَ ليلٌ بالتَّهَمْ، ... يَا لَكَ بَرْقاً، مَن يَشِمْه لَا يَنَمْ
قَالَ: فَانْظُرْ إِلى قوَّة تصوُّر الْخَلِيلِ إِلى أَن هَجَم بِهِ الظنُّ عَلَى الْيَقِينِ، ومَن كَسَرَ التَّاءَ قَالَ تِهامِيّ؛ هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: النِّسْبَةُ إِلى تِهامةَ تِهامِيّ وتَهامٍ، إِذا فَتَحْتَ التَّاءَ لَمْ تُشَدِّدْ كَمَا قَالُوا يَمانٍ وشآمٍ، إِلَّا أَنَّ الأَلف فِي تَهامٍ مِنْ لَفْظِهَا، والأَلف فِي يَمانٍ وشآمٍ عِوَضٌ مِنْ ياءَي النِّسْبَةِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وكنَّا وهُم كابْنَيْ سُباتٍ تَفَرَّقا ... سِوىً، ثُمَّ كَانَا مُنْجِداً وتَهامِيَا
وأَلْقى التَّهامِي مِنْهُمَا بِلَطاتِه، ... وأَحْلَط هَذَا: لَا أَرِيمُ مَكانِيَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ إِلا أَنَّ الأَلف فِي تَهام مِنْ لَفْظِهَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلِ الأَلف غَيْرُ الَّتِي فِي تِهامة، بِدَلِيلِ انْفِتَاحِ التَّاءِ فِي تَهام، وأَعاد مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه مَنْسُوبٌ إِلى تَهْم أَو تَهَم، أَراد بِذَلِكَ أَن الأَلف عِوَض مِنْ إِحدى ياءَي النَّسَبِ، قَالَ: وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ عَنِ الزِّيَادِيِّ عَنِ الأَصمعي أَن التَّهَمةَ الأَرض المُتَصَوِّبة إِلى الْبَحْرِ، قَالَ: وكأَنها مَصْدَرٌ مِنْ تِهامةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا