قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ لَيْسَ بِالْمَرْضِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: حَكَمَ فلانٌ عَنِ الأَمر وَالشَّيْءِ أَي رَجَعَ، وأَحْكَمْتُه أَنا أَي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هُوَ عَنْهُ رَجَعَهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم، ... إِني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا
أَي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وَامْنَعُوهُمْ مِنَ التَّعَرُّضِ لِي. قَالَ الأَزهري: جُعِلَ ابْنُ الأَعرابي حَكَمَ لَازِمًا كَمَا تَرَى، كَمَا يُقَالُ رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه فنَقَص، قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ حَكَمَ بِمَعْنَى رَجَعَ لِغَيْرِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ الثِّقَةُ المأْمون. وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ: مَنَعَهُ مِمَّا يُرِيدُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الرَّجُلُ يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قَرَابَةٍ فيَعْضُلُها حَتَّى تموتَ أَو تَرُدَّ إِليه صَدَاقَهَا، فأَحْكَمَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ
أَي مَنَعَ مِنْهُ. يُقَالُ: أَحْكَمْتُ فُلَانًا أَي مَنَعْتُهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الحاكمُ لأَنه يَمْنَعُ الظَّالِمَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إِذا قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه. وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إِذا أَخذت عَلَى يَدِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
أَبَني حَنِيفَةَ، أَحْكِمُوا سُفهاءكم
وحَكَمَةُ اللِّجَامِ: مَا أَحاط بحَنَكَي الدَّابَّةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: بالحَنَك، وَفِيهَا العِذاران، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَمْنَعُهُ مِنَ الْجَرْيِ الشَّدِيدِ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَجَمْعُهُ حَكَمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَنا آخِذٌ بحَكَمَة فَرَسِهِ
أَي بِلِجَامِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلا وَفِي رأْسه حَكَمَةٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي رأْس كُلِّ عَبْدٍ حَكَمَةٌ إِذا هَمَّ بسيئةٍ، فإِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَن يَقْدَعَه بِهَا قَدَعَه
؛ والحَكَمَةُ: حَدِيدَةٌ فِي اللِّجَامِ تَكُونُ عَلَى أَنف الْفَرَسِ وحَنَكِهِ تَمْنَعُهُ عَنْ مُخَالَفَةِ رَاكِبِهِ، وَلَمَّا كَانَتِ الحَكَمَة تأْخذ بِفَمِ الدَّابَّةِ وَكَانَ الحَنَكُ متَّصلًا بالرأْس جَعَلَهَا تَمْنَعُ مَنْ هِيَ فِي رأْسه كَمَا تَمْنَعُ الحَكَمَةُ الدَّابَّةَ. وحَكَمَ الفرسَ حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ: جَعَلَ لِلِجَامِهِ حَكَمَةً، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَتَّخِذُهَا مِنَ القِدِّ والأَبَقِ لأَن قَصْدَهُمُ الشجاعةُ لَا الزِّينَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
الْقَائِدَ الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها، ... قَدْ أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا
يُرِيدُ: قَدْ أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فَحَذَفَ الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مَكَانَهَا؛ وَيُرْوَى:
مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأَبَقا
عَلَى اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: عَدَّى قَدْ أُحْكِمَتْ لأَن فِيهِ مَعْنًى قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ مُتَعَدِّيَةٌ إِلى مَفْعُولَيْنِ. الأَزهري: وَفَرَسٌ مَحْكومةٌ فِي رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأَنشد:
مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأَبقا
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ: قد أُحْكِمَتْ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ حَكَمْتُ الْفَرَسَ وأَحْكَمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تَكُونُ فِي فَمِ الْفَرَسِ. وحَكَمَةُ الإِنسان: مُقَدَّمُ وَجْهِهِ. وَرَفَعَ اللَّهُ حَكَمَتَهُ أَي رأْسه وشأْنه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِن الْعَبْدَ إِذا تَوَاضَعَ رَفَعَ اللهُ حَكَمَتَهُ
أَي قَدْرَهُ وَمَنْزِلَتَهُ. يُقَالُ: لَهُ عِنْدَنَا حَكَمَةٌ أَي قَدْرٌ، وَفُلَانٌ عَالِي الحَكَمَةِ، وَقِيلَ: الحَكَمَةُ مِنَ الإِنسان أَسفل