إِذا لَمْ يُصِبْ فِي أَوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا
أَي غَزا غَزوةً أُخْرى. وعَقَّبَ فِي النافِلَةِ بعدَ الفَريضَةِ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: كَانَ هُوَ وامرأَته وخادِمُه يَعْتَقِبونَ اللَّيْلَ أَثلاثاً
أَي يَتَناوَبُونه فِي الْقِيَامِ إِلى الصَّلَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس بْنِ مَالِكٍ: أَنه سُئِلَ عَنِ التَّعْقِيبِ فِي رَمَضانَ، فأَمَرَهم أَن يُصَلُّوا فِي البُيوت.
وَفِي التَّهْذِيبِ: فَقَالَ إِنهم لَا يَرْجِعُون إِلا لِخَيْرٍ يَرْجُونَه، أَو شَرٍّ يَخافُونَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّعْقِيبُ هُوَ أَن تَعْمَلَ عَمَلًا، ثُمَّ تَعُودَ فِيهِ؛ وأَراد بِهِ هَاهُنَا صلاةَ النَّافِلَةِ، بَعْدَ التَّرَاوِيحِ، فكَرِهَ أَن يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ، وأَحَبَّ أَن يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ. وَحَكَى الأَزهري عَنْ إِسحاق بْنِ رَاهُويَهْ: إِذا صَلَّى الإِمامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنَّاسِ تَرْويحةً، أَو تَرويحتين، ثُمَّ قَامَ الإِمام مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فأَرسل إِلى قَوْمٍ فاجْتمعوا فصَلى بهم بعد ما نَامُوا، فإِن ذَلِكَ جَائِزٌ إِذا أَراد بِهِ قيامَ مَا أُمِرَ أَن يُصَلى مِنَ التَّرويح، وأَقلُّ ذَلِكَ خَمْسُ تَرويحات، وأَهلُ الْعِرَاقِ عَلَيْهِ. قَالَ: فَإِمَّا أَن يَكُونَ إِمام صَلَّى بِهِمْ أَوَّلَ اللَّيْلِ التَّرْوِيحَاتِ، ثمَّ رَجَعَ آخِرَ اللَّيْلِ ليُصليَ بِهِمْ جَمَاعَةً، فإِن ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنس وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ كَرَاهِيَتِهِمَا التَّعْقِيبَ؛ وَكَانَ أَنس يأْمُرُهم أَن يُصَلُّوا فِي بُيوتهم. وَقَالَ شَمِرٌ: التَّعْقِيبُ أَن يَعْمَلَ عَمَلًا مِنْ صَلَاةٍ أَو غَيْرِهَا، ثُمَّ يَعُودُ فِيهِ مِنْ يَوْمِهِ؛ يُقَالُ: عَقَّبَ بِصَلَاةٍ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَغَزْوَةٍ بَعْدَ غَزْوَةٍ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: هُوَ الَّذِي يفعلُ الشيءَ ثُمَّ يَعُود إِليه ثَانِيَةً. يُقَالُ: صَلى مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ عَقَّبَ، أَي عَادَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يُعَقِّبُ الجُيوشَ فِي كُلِّ عَامٍ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَنه يَرُدُّ قَوْمًا ويَبْعَثُ آخَرِينَ يُعاقِبُونَهم. يُقَالُ: عُقِّبَ الغازيةُ بأَمثالهم، وأُعْقِبُوا إِذا وُجِّه مكانَهم غيرُهم. والتَّعْقِيبُ: أَن يَغْزُوَ الرجلُ، ثُمَّ يُثَنِّي مِنْ سَنَته؛ قَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ الْخَيْلَ:
طِوالُ الهَوادي، والمُتُونُ صَلِيبةٌ، ... مَغاويرُ فِيهَا للأَميرِ مُعَقَّبُ
والمُعَقَّبُ: الرجلُ يُخْرَجُ «٢» مِنْ حانةِ الخَمَّار إِذا دَخَلَها مَن هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ قَدْرًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وإِنْ تَبْغِني فِي حَلْقةِ القَوْمِ تَلْقَني، ... وإِنْ تَلْتَمِسْني فِي الحَوانيتِ تَصْطَدِ
أَي لَا أَكونُ مُعَقَّباً. وعَقَّبَ وأَعْقَبَ إِذا فَعَلَ هَذَا مرَّةً، وَهَذَا مَرَّةً. والتَّعْقِيبُ فِي الصَّلاةِ: الجلوسُ بَعْدَ أَن يَقْضِيَها لدُعاءٍ أَو مَسْأَلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَقَّبَ فِي صَلَاةٍ، فَهُوَ فِي الصلاةِ.
وتَصَدَّقَ فلانٌ بصَدقةٍ لَيْسَ فِيهَا تَعْقِيبٌ أَي اسْتِثْنَاءٌ. وأَعْقَبَه الطائفُ إِذا كَانَ الجُنُون يُعاوِدُه فِي أَوْقاتٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:
ويَخْضِدُ فِي الْآرِيِّ، حَتى كأَنَّه ... بِهِ عُرَّةٌ، أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
وإِبلٌ مُعاقِبةٌ: تَرْعَى مَرَّةً فِي حَمْضٍ، وَمَرَّةً فِي خُلَّةٍ. وأَما الَّتِي تَشْرَبُ الماءَ، ثُمَّ تَعُودُ إِلى المَعْطَنِ، ثُمَّ تَعُودُ إِلى الماءِ، فَهِيَ العواقِبُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَقَبَتِ الإِبلُ مِنْ مكانٍ إِلى مكانٍ تَعْقُبُ عَقْباً، وأَعْقَبَتْ: كلاهما تحوّلَتْ
(٢). قوله والمعقب الرجل يخرج إلخ ضبط المعقب في التكملة كمعظم وضبط يخرج بالبناء للمجهول وتبعه المجد وضبط في التهذيب المعقب كمحدّث والرجل يخرج بالبناء للفاعل وكلا الضبطين وجيه.