هُوَ فَاعِلٌ مَعْنَاهُ الْمَفْعُولُ، وَإِنَّمَا يُعْزَمُ الأَمرُ وَلَا يَعْزِم، والعَزْمُ للإِنسان لَا لِلأَمرِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ هَلكَ الرجلُ، وَإِنَّمَا أُهْلِك. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ
: فَإِذَا جَدَّ الأَمرُ ولَزِمَ فَرْضُ الْقِتَالِ، قَالَ: هَذَا مَعْنَاهُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ عَزَمْتُ الأَمرَ وعَزَمْتُ عَلَيْهِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
. وَتَقُولُ: مَا لِفلان عَزِيمةٌ أَيْ لَا يَثْبُت عَلَى أمرٍ يَعْزِم عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها
أَيْ فَرائِضُها الَّتِي عَزَمَ اللهُ عَلَيْكَ بِفِعْلِها، وَالْمَعْنَى ذواتُ عَزْمِها الَّتِي فيه عَزْمٌ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خيرُ الأُمورِ مَا وَكَّدْتَ رَأْيَك وعَزْمَك ونِيَّتَك عَلَيْهِ وَوَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ فِيهِ. وَرُوِيَ
عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤتَى رُخَصُه كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤتَى عَزائِمُه
؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: عَزائِمُه فَرائِضُه الَّتِي أَوْجَبَها اللَّهُ وأَمَرنا بِهَا. والعَزْمِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: المُوفي بِالْعَهْدِ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ
أَيْ حَقٌّ مِنْ حُقوقِ اللَّهِ وواجبٌ مِنْ وَاجِبَاتِهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا قِرَدَةً*؛ هَذَا أَمرٌ عَزْمٌ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ؛ هَذَا فرْضٌ وحُكْمٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لِي
أَيْ خَلَقَ لِي قُوَّة وصبْراً. وعَزَم عَلَيْهِ ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. وعَزَمْتُ عليكَ أَيْ أَمَرْتُك أَمْرًا جِدّاً، وَهِيَ العَزْمَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر: اشْتدَّتِ العزائمُ
؛ يُرِيدُ عَزَماتِ الأُمراء عَلَى النَّاسِ فِي الغَزْو إِلَى الأَقطار الْبَعِيدَةِ وأَخْذَهُم بِهَا. والعزائمُ: الرُّقَى. وعَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ عَلَى الدَّاء. وعَزَمَ الحَوَّاءُ إِذَا اسْتَخْرَجَ الْحَيَّةَ كأَنه يُقْسِم عَلَيْهَا. وعزائمُ السُّجودِ: مَا عُزِمَ عَلَى قَارِئِ آيَاتِ السُّجُودِ أَنَّ يَسْجُدَ لِلَّهِ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ سُجُودِ الْقُرْآنِ:
ليستْ سَجْدَةُ صادٍ مِنْ عزائِمِ السُّجودِ.
وعزائمُ القُرآنِ: الآياتُ الَّتِي تُقْرأُ عَلَى ذَوِي الآفاتِ لِمَا يُرْجى مِنَ البُرْءِ بِهَا. والعَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: الَّتِي يُعزَمُ بِهَا عَلَى الجِنّ والأَرواحِ. وأُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا عَلَى أَمرِ اللَّهِ فِيمَا عَهِدَ إِلَيْهِمْ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنَّ أُولي العَزْمِ نُوحٌ «٢» وإبراهيمُ وَمُوسَى، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ومحمّدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ
، وَفِي الْحَدِيثِ:
ليَعْزِم المَسأَلة
أَيْ يَجِدَّ فِيهَا ويَقْطَعها. والعَزْمُ: الصَّبْرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ آدمَ: فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
؛ قِيلَ: العَزْمُ والعَزِيمةُ هُنَا الصَّبرُ أَيْ لَمْ نَجِدْ لَهُ صَبْراً، وَقِيلَ: لَمْ نَجِدْ لَهُ صَرِيمةً وَلَا حَزْماً فِيمَا فَعَلَ، والصَّرِيمةُ والعَزِيمةُ واحدةٌ، وَهِيَ الْحَاجَةُ الَّتِي قَدْ عَزَمْتَ عَلَى فِعْلِها. يُقَالُ: طَوَى فلانٌ فُؤادَه عَلَى عَزِيمةِ أمرٍ إِذَا أَسرَّها فِي فُؤادِه، والعربُ تقولُ: مَا لَه مَعْزِمٌ وَلَا مَعْزَمٌ وَلَا عَزِيمةٌ وَلَا عَزْمٌ وَلَا عُزْمانٌ، وَقِيلَ فِي قوله لم نَجِدْ لَهُ عَزْماً أَيْ رَأْياً مَعْزوماً عَلَيْهِ، والعَزِيمُ والعزيمةُ واحدٌ. يُقَالُ: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ. والعَزْمُ: الصَّبْرُ فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ، يَقُولُونَ: مَا لِي عَنْكَ عَزْمٌ أَيْ صَبْرٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: فَلَمَّا أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لِذَلِكَ
أَيِ احْتَمَلْناه وصبَرْنا عَلَيْهِ، وَهُوَ افْتَعَلْنا مِنَ العَزْم. والعَزِيمُ: العَدْوُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لَوْلَا أُكَفْكِفُه لكادَ، إِذَا جَرى ... مِنْهُ العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ
(٢). قوله نوح إلخ قد أَسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام كما في شرح القاموس