وَلَهُ جُؤجُؤُ نَعامةٍ لِارْتِفَاعِ جُؤْجُؤها. وَمِنْ أَمثالهم: مَن يَجْمع بَيْنَ الأَرْوَى والنَّعام؟ وَذَلِكَ أَنَّ مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الْجِبَالِ وَمَسَاكِنُ النَّعَامِ السُّهولةُ، فَهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبداً. وَيُقَالُ لِمَنْ يُكْثِرُ عِلَلَه عَلَيْكَ: مَا أَنت إِلَّا نَعامةٌ؛ يَعْنون قَوْلَهُ:
ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بَعِيرًا، ... تُعاظِمُه إِذَا مَا قِيلَ: طِيري
وإنْ قِيلَ: احْمِلي، قَالَتْ: فإنِّي ... مِنَ الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور
وَيَقُولُونَ لِلَّذِي يَرْجِع خَائِبًا: جَاءَ كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يَقُولُونَ إِنَّ النَّعَامَةَ ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فَقَطَعُوا أُذُنيها فَجَاءَتْ بِلَا أُذُنين؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بعضهم:
أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ مِنْ بَيْتِها ... لتُصاغَ أُذْناها بِغَيْرِ أَذِينِ
فاجْتُثَّتِ الأُذُنان مِنْهَا، فانْتَهَتْ ... هَيْماءَ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ قُرونِ
وَمِنْ أَمثالهم: أنْتَ كَصَاحِبَةِ النَّعامة، وَكَانَ مِنْ قِصَّتِهَا أَنها وجَدتْ نَعامةً قَدْ غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إِلَى شَجَرَةٍ، ثُمَّ دنَتْ مِنَ الْحَيِّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل عَلَى النَّعامةِ، فانتَهتْ إِلَيْهَا وَقَدْ أَساغَتْ غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لَا صَيْدَها أَحْرَزَتْ وَلَا نصيبَها مِنَ الْحَيِّ حَفِظتْ؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ المَزْريَةِ عَلَى مَنْ يَثق بِغَيْرِ الثِّقةِ. والنَّعَامة: الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ عَلَى الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق مِنْهُمَا الْقَامَةُ، وَهِيَ البَكَرة، فَإِنْ كَانَ الزَّرانيق مِنْ خَشَبٍ فَهِيَ دِعَمٌ؛ وَقَالَ أَبو الْوَلِيدِ الكِلابي: إِذَا كَانَتَا مِنْ خَشَب فَهُمَا النَّعامتان، قَالَ: وَالْمُعْتَرِضَةُ عَلَيْهِمَا هِيَ العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بِهَا، قَالَ الأَزهري: وَتَكُونُ النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طَرَفَاهُمَا الأَسفلان فِي الأَرض، أَحَدُهُمَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل يُمدّ طَرَفَا الْحَبْلِ إِلَى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ فِي الأَرض أَوْ حَجَرَيْنِ ضَخْمَيْنِ، وتُعَلَّقُ الْقَامَةُ بَيْنَ شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا الْخَشَبَةُ المعترِضة؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: النَّعامتان الْخَشَبَتَانِ اللَّتَانِ عَلَى زُرْنوقَي الْبِئْرِ، الْوَاحِدَةُ نَعامة، وَقِيلَ: النَّعامة خَشَبَةٌ تُجْعَلُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ تَقوم عَلَيْهَا السَّواقي. والنَّعامة: صَخْرَةٌ نَاشِزَةٌ فِي الْبِئْرِ. والنَّعامة: كلُّ بِنَاءٍ كالظُّلَّة، أَوْ عَلَم يُهْتَدَى بِهِ مِنْ أَعلام الْمَفَاوِزِ، وَقِيلَ: كُلُّ بِنَاءٍ عَلَى الْجَبَلِ كالظُّلَّة والعَلَم، وَالْجَمْعُ نَعامٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ طُرُقَ الْمَفَازَةِ:
بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجالُ، ... تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا «١»
. وَرَوَى الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ:
تُلْقِي النَّفائِضُ فِيهِ السَّريحا
قَالَ: والنَّفائضُ مِنَ الإِبل؛ وَقَالَ آخَرُ:
لَا شيءَ فِي رَيْدِها إِلَّا نَعامَتُها، ... مِنْهَا هَزِيمٌ وَمِنْهَا قائمٌ باقِي
وَالْمَشْهُورُ مِنْ شِعْرِهِ:
لَا ظِلَّ فِي رَيْدِها
وَشَرَحَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ فَقَالَ: النَّعَامة مَا نُصب مِنْ خَشَبٍ يَسْتَظِلُّ بِهِ الرَّبِيئَةُ، والهَزيم: الْمُتَكَسِّرُ؛ وبعد هذا البيت:
(١). قوله بناها هكذا بتأنيث الضمير في الأَصل ومثله في المحكم هنا، والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك