؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ الْحِكَايَةُ كأَنه قَالَ مَساسِ فَقَالَ لَا مَساسِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي هَمامِ إِنه عَلَى الْحِكَايَةِ لأَنه لَا يُبْنَى عَلَى الْكَسْرِ، وَهُوَ يُرِيدُ بِهِ الْخَبَرَ. وأَهَمَّني الأَمرُ إِذا أَقْلَقَك وحَزَنَك. والاهْتِمَامُ: الاغتمامُ، واهْتَمَّ لَهُ بأَمرِه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ قِلَّةِ اهتِمامِ الرجلِ بشأْن صاحِبه: هَمُّك مَا هَمَّك، وَيُقَالُ: هَمُّك مَا أَهَمَّك؛ جعلَ مَا نَفْياً فِي قَوْلِهِ مَا أَهَمَّك أَي لَمْ يُهِمَّك هَمُّك، وَيُقَالُ: مَعْنَى مَا أَهَمَّكَ أَي مَا أَحْزَنَك، وَقِيلَ: مَا أَقْلَقَك، وَقِيلَ: مَا أَذابَك. والهِمَّةُ: واحدةُ الهِمَمِ. والمُهِمَّاتُ مِنَ الأُمور: الشدائِدُ المُحْرِقةُ. وهَمَّه السُّقْمُ يَهُمُّه هَمّاً أَذابَه وأَذْهَبَ لَحمه. وهَمَّني المرضُ: أَذابَني. وهَمَّ الشحمَ يَهُمُّه هَمّاً: أَذابَه؛ وانْهَمَّ هُوَ. والهَامُومُ: مَا أُذِيبَ مِنَ السَّنَامِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصف بَعيرَه:
وانْهَمَّ هَامُومُ السَّدِيفِ الْهَارِي ... عَنْ جَرَزٍ مِنْهُ وجَوْزٍ عَارِي «١»
. أَي ذَهَبَ سِمَنُه. والهَامُومُ مِنَ الشحمِ: كثيرُ الإِهالةِ. والهَامُومُ: مَا يَسيل مِنَ الشَّحْمةِ إِذا شُوِيَت، وكلُّ شَيْءٍ ذائبٍ يُسمَّى هَامُوماً. ابْنُ الأَعرابي: هُمَّ إِذا أُغْلِيَ، وهَمَّ إِذا غَلى. اللَّيْثُ: الانْهِمامُ فِي ذَوَبانِ الشَّيْءِ واسْتِرْخائه بَعْدَ جُمودِه وصَلابتِه مِثْلُ الثَّلْجِ إِذا ذابَ، تَقُولُ: انْهَمَّ. وانْهَمَّتِ البقُولُ إِذا طُبِخَتْ فِي الْقِدْرِ. وهَمَّتِ الشمسُ الثلجَ: أَذابَتْه. وهَمَّ الغُزْرُ الناقةَ يَهُمُّها هَمّاً: جَهَدَها كأَنه أَذابَها. وانْهَمَّ الشحمُ والبَرَدُ: ذَابَا؛ قَالَ:
يَضْحَكْن عنْ كالبَرَد المُنْهَمِّ، ... تحتَ عَرَانِينِ أُنوفٍ شُمِ
والهُمَامُ: مَا ذابَ مِنْهُ، وَقِيلَ: كلُّ مُذابٍ مَهْمُومٌ؛ وَقَوْلُهُ:
يُهَمُّ فِيهَا القوْمُ هَمَّ الحَمِ
مَعْنَاهُ يَسيل عَرَقُهُمْ حَتَّى كأَنهم يَذُوبون. وهُمامُ الثَّلْجِ: مَا سالَ منْ مائِه إِذا ذابَ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَةَ:
نَوَاصِحٌ بَيْنَ حَمَّاوَيْنِ أَحْصَنَتا ... مُمَنَّعاً، كهُمَامِ الثَّلْج بالضَّرَبِ
أَراد بِالنَّوَاصِحِ الثَّنايا. وَيُقَالُ: هَمَّ اللبَنَ فِي الصحْنِ إِذ حَلَبَه، وانْهَمَّ العرَقُ فِي جَبينِه إِذا سالَ؛ وَقَالَ الرَّاعِي فِي الهَمَاهِمِ بِمَعْنَى الهُموم:
طَرَقا، فتِلكَ هَماهِمِي أَقْرِيهِما ... قُلُصاً لَواقحَ كالقِسيِّ وحُولا
وهَمَّ بالشيءَ يَهمُّ هَمّاً: نَوَاهُ وأَرادَه وعزَم عَلَيْهِ. وَسُئِلَ ثَعْلَبٌ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ
؛ قَالَ: هَمَّتْ زَلِيخا بِالْمَعْصِيَةِ مُصِرّةً عَلَى ذَلِكَ، وهَمَّ يوسفُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِالْمَعْصِيَةِ وَلَمْ يأْتِها وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهَا، فَبَيْن الهَمَّتَيْن فَرْقٌ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وقرأْتُ غريبَ الْقُرْآنِ عَلَى أَبي عُبَيْدَةَ فَلَمَّا أَتيتُ عَلَى قولِه: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها
«٢» قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هَذَا عَلَى التَّقْدِيمِ والتأْخير كأَنه أَراد: وَلَقَدْ هَمَّت بِهِ، وَلَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بِهَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا
كَانَ طائفةٌ عَزَمُوا عَلَى أَن يغْتالُوا سَيِّدَنَا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سفَرٍ وقَفُوا لَهُ عَلَى طريقِه، فَلَمَّا بَلغهم أَمَرَ بتَنْحيَتِهم عَنْ طريقِه وسَمّاهم رَجُلًا رَجُلًا
(١). قوله الهاري أنشده في مادة جرز: الواري، وكذا المحكم والتهذيب
(٢). الآية