وشاهَدَه بِبَصَرِهِ؛ فَذَلِكَ تَقَلُّبُ القُلُوب والأَبصار. وَيُقَالُ: قَلَبَ عَيْنَه وحِمْلاقَه، عِنْدَ الوَعيدِ والغَضَبِ؛ وأَنشد:
قالبُ حِمْلاقَيْهِ قَدْ كادَ يُجَنّ
وقَلَب الخُبْزَ ونحوَه يَقْلِبه قَلْباً إِذا نَضِج ظاهرُه، فَحَوَّله ليَنْضَجَ باطنُه؛ وأَقْلَبها: لُغَةٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ. وأَقْلَبَتِ الخُبْزَةُ: حَانَ لَهَا أَن تُقْلَبَ. وأَقْلَبَ العِنَبُ: يَبِسَ ظاهرُه، فَحُوِّلَ. والقَلَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: انْقِلابٌ فِي الشَّفَةِ العُلْيا، واسْتِرخاءٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: انْقِلابُ الشَّفَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بالعُلْيا. وشَفَة قَلْباءُ: بَيِّنَةُ القَلَب، وَرَجُلٌ أَقْلَبُ. وَفِي الْمَثَلِ: اقْلِبي قَلابِ؛ يُضْرَب لِلرَّجُلِ يَقْلِبُ لسانَه، فيَضَعُه حَيْثُ شاءَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: بَيْنا يُكَلِّمُ إِنساناً إِذ اندفَعَ جرير يُطْرِيه ويُطْنِبُ، فأَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا جَرِيرُ؟ وعَرَفَ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: ذكرتُ أَبا بَكْرٍ وَفَضْلَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: اقْلِبْ قَلَّابُ، وسكتَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَلٌ يُضْرَب لِمَنْ تَكُونُ مِنْهُ السَّقْطة، فَيَتَدَارَكُهَا بأَن يَقْلِبَها عَنْ جِهتها، ويَصْرِفَها إِلى غَيْرِ مَعْنَاهَا؛ يُرِيدُ: اقْلِبْ يَا قَلَّابُ فأَسْقَطَ حرفَ النِّدَاءِ، وَهُوَ غَرِيبٌ؛ لأَنه إِنما يُحْذَفُ مَعَ الأَعْلام. وقَلَبْتُ القومَ، كَمَا تقولُ: صَرَفْتُ الصبيانَ، عَنْ ثَعْلَبٍ. وقَلَبَ المُعَلِّم الصِّبْيَانَ يَقْلِبُهم: أَرسَلَهم، ورَجَعَهُم إِلى مَنَازِلِهِمْ؛ وأَقْلَبَهم: لغةٌ ضعيفةٌ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، عَلَى أَنه قَدْ قَالَ: إِن كَلَامَ الْعَرَبِ فِي كُلِّ ذَلِكَ إِنما هُوَ: قَلَبْتُه، بِغَيْرِ أَلف. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه كَانَ يقالُ لمُعَلِّم الصِّبْيَانِ: اقْلِبْهم
أَي اصْرفهُمْ إِلى مَنَازِلِهِمْ. والانْقِلابُ إِلى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، المصيرُ إِليه، والتَّحَوُّلُ، وَقَدْ قَلَبه اللهُ إِليه؛ هَذَا كلامُ الْعَرَبِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيِّ: أَقْلَبه؛ قَالَ وَقَالَ أَبو ثَرْوانَ: أَقْلَبَكُم اللهُ مَقْلَب أَوليائه، ومُقْلَبَ أَوليائه، فَقَالَهَا بالأَلف. والمُنْقَلَبُ يَكُونُ مَكَانًا، وَيَكُونُ مَصْدَرًا، مِثْلُ المُنْصَرَف. والمُنْقَلَبُ: مَصِيرُ العِبادِ إِلى الْآخِرَةِ. وَفِي حَدِيثِ دعاءِ السَّفَرِ:
أَعوذُ بِكَ مِنْ كَآبَةِ المُنْقَلَب
أَي الانْقِلابِ مِنَ السَّفَرِ، والعَوْدِ إِلى الوَطَن؛ يَعْنِي أَنه يَعُودُ إِلى بَيْتِهِ فَيرى فِيهِ مَا يَحْزُنه. والانْقِلابُ: الرجوعُ مُطْلَقًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْمُنْذِرِ ابن أَبي أَسِيدٍ، حِينَ وُلِدَ: فاقْلِبُوه، فَقَالُوا: أَقْلَبْناه يَا رَسُولَ اللَّهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَصَوَابُهُ قَلَبْناه أَي رَدَدْناه. وقَلَبه عَنْ وَجْهِهِ: صَرَفَه؛ وَحَكَى اللحيانيُّ: أَقْلَبه، قَالَ: وَهِيَ مَرْغوبٌ عَنْهَا. وقَلَبَ الثوبَ، والحديثَ، وكلَّ شيءٍ: حَوَّله؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِيهِمَا أَقْلَبه. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الْمُخْتَارَ عِنْدَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَلَبْتُ. وَمَا بِالْعَلِيلِ قَلَبةٌ أَي مَا بِهِ شَيْءٌ، لَا يُسْتَعْمَل إِلا فِي النَّفْيِ، قَالَ الفراءُ: هُوَ مأْخوذ مِنَ القُلابِ: داءٍ يأْخذ الإِبل فِي رؤُوسها، فيَقْلِبُها إِلى فَوْقُ؛ قَالَ النَّمِرَ:
أَوْدَى الشَّبابُ وحُبُّ الخالةِ الخَلِبه، ... وَقَدْ بَرِئْتُ، فَمَا بالقلبِ مِنْ قَلَبَهْ
أَي بَرِئْتُ مِنْ داءِ الحُبِّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: