مَعْنَاهُ لَيْسَتْ بِهِ عِلَّةٌ، يُقَلَّبُ لَهَا فيُنْظَرُ إِليه. تَقُولُ: مَا بِالْبَعِيرِ قَلَبة أَي لَيْسَ بِهِ داءٌ يُقْلَبُ لَهُ، فيُنْظَرُ إِليه؛ وَقَالَ الطَّائِيُّ: مَعْنَاهُ مَا بِهِ شيءٌ يُقْلِقُه، فَيَتَقَلَّبُ مِنْ أَجْلِه عَلَى فِرَاشِهِ. اللَّيْثُ: مَا بِهِ قَلَبة أَي لَا داءَ وَلَا غَائِلَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فانْطَلَق يَمشي، مَا بِهِ قَلَبة
أَي أَلمٌ وَعِلَّةٌ؛ وَقَالَ الفراءُ: مَعْنَاهُ مَا بهِ عِلَّةٌ يُخْشى عَلَيْهِ مِنْهَا، وَهُوَ مأْخوذ مِن قَوْلِهِمْ: قُلِبَ الرجلُ إِذا أَصابه وَجَعٌ فِي قَلْبِهِ، وَلَيْسَ يَكادُ يُفْلِتُ مِنْهُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَصلُ ذَلِكَ فِي الدَّوابِّ أَي مَا بِهِ داءٌ يُقْلَبُ مِنْهُ حافرُه؛ قَالَ حميدٌ الأَرْقَطُ يَصِفُ فَرَسًا:
وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ، ... وَلَا لِحَبْلَيْه بِهَا حَبارُ
أَي لَمْ يَقْلِبْ قَوائمَها مِنْ عِلَّة بِهَا. وَمَا بالمريضِ قَلَبَة أَي عِلَّةٌ يُقَلَّبُ مِنْهَا. والقَلْبُ: مُضْغةٌ مِنَ الفُؤَاد مُعَلَّقةٌ بالنِّياطِ. ابْنُ سِيدَهْ: القَلْبُ الفُؤَاد، مُذَكَّر، صَرَّح بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ: أَقْلُبٌ وقُلوبٌ، الأُولى عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ نَزَلَ بِهِ جبريلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَيْكَ، فَوَعاه قَلْبُك، وثَبَتَ فَلَا تَنْساه أَبداً. وَقَدْ يُعَبَّرُ بالقَلْبِ عَنِ العَقْل، قَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ
؛ أَي عَقْلٌ. قَالَ الفراءُ: وجائزٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَن تقولَ: مَا لَكَ قَلْبٌ، وَمَا قَلْبُك مَعَكَ؛ تَقُولُ: مَا عَقْلُكَ معكَ، وأَين ذَهَبَ قَلْبُك؟ أَي أَين ذَهَبَ عَقْلُكَ؟ وَقَالَ غَيْرُهُ: لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَي تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ. ورُوي
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: أَتاكم أَهل اليَمن، هُمْ أَرَقُّ قُلُوبًا، وأَلْيَنُ أَفْئِدَةً
، فوَصَفَ القلوبَ بالرِّقة، والأَفْئِدَةَ باللِّين. وكأَنَّ القَلْبَ أَخَصُّ مِنَ الفؤَاد فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: أَصَبْتُ حَبَّةَ قلبِه، وسُوَيْداءَ قَلْبِهِ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
لَيْتَ الغُرابَ رَمى حَماطَةَ قَلْبهِ ... عَمْرٌو بأَسْهُمِه الَّتِي لَمْ تُلْغَبِ
وَقِيلَ: القُلُوبُ والأَفْئِدَةُ قريبانِ مِنَ السواءِ، وكَرَّرَ ذِكْرَهما، لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ تأْكيداً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّي القَلْبُ قَلْباً لتَقَلُّبِه؛ وأَنشد:
مَا سُمِّيَ القَلْبُ إِلَّا مِنْ تَقَلُّبه، ... والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنْسان أَطْوارا
وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: سُبْحانَ مُقَلِّب القُلُوب
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ
. قَالَ الأَزهري: ورأَيت بعضَ الْعَرَبِ يُسَمِّي لحمةَ القَلْبِ كُلها، شَحْمَها وحِجابَها: قَلْباً وفُؤَاداً، قَالَ: وَلَمْ أَرهم يَفْرِقُونَ بَيْنَهُمَا؛ قَالَ: وَلَا أُنْكِر أَن يَكُونَ القَلْبُ هِيَ العَلَقة السوداءُ فِي جَوْفِهِ. وقَلَبه يَقْلِبُه ويَقْلُبه قَلْباً، الضَّمُّ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وحدَه: أَصابَ قَلْبَه، فَهُوَ مَقْلُوب، وقُلِبَ قَلْباً: شَكا قَلْبه. والقُلابُ: داءٌ يأْخذ فِي القَلْبِ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والقُلابُ: داءٌ يأْخُذُ الْبَعِيرَ، فَيَشْتَكِي مِنْهُ قَلْبَه فيموتُ مِنْ يَوْمِهِ، يُقَالُ: بَعِيرٌ مَقْلُوبٌ، وَنَاقَةٌ مَقْلوبة. قَالَ كُرَاعٌ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسمُ داءٍ اشْتُقَّ مِنِ اسمِ العِضْو إِلا القُلاب مِنَ القَلْب، والكُباد مِنَ الكَبِدِ، والنُّكاف مِنَ النَّكَفَتَيْن، وَهُمَا غُدَّتانِ تَكْتَنِفانِ الحُلْقُومَ مِنْ أَصل اللَّحْي.