مَا زِلْتُ حَوْلًا فِي ثَرىً ثَرِيِّ، ... بَعْدَكَ مِنْ ذَاكَ النَّدَى الوَسْمِيِّ،
حَتَّى إِذَا مَا هَمَّ بالذُّوِيِّ، ... جِئْتُكَ واحْتَجْتُ إِلَى الوَلِيِّ؛
لَيْسَ غَنِيٌّ عَنْكَ بالغَنِيِ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنّه كانَ يَسْتَاكُ وَهُوَ صائِمُ بِعُودٍ قَدْ ذَوَى
أَي يَبِسَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: لُغَةُ أَهلِ بُثَيْنَة ذَأَى العُودُ؛ قَالَ: وذَوِيَ العُودُ يَذْوَى، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَهِيَ لغةٌ رديئَة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ ذَوِيَ البقلُ، بِالْكَسْرِ؛ وَقَالَ يُونُسُ: هِيَ لُغَةٌ. وأَذْوَاهُ الحَرُّ أَي أَذْبَلَهُ. والذِّوَى: النِّعاجُ الضِّعافُ. والذَّوَاةُ: قِشْرَةُ العِنَبة والبِطِّيخة والحَنْطَلة، وجَمْعُها ذَوىً. ابْنُ بَرِّيٍّ: الذَّاوِي الَّذِي فِيهِ بَعضُ رُطُوبَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رَأَيْتُ الفَتَى يَهْتَزُّ كالغُصْنِ ناعِماً، ... تَرَاهُ عَمِيّاً ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ ذَوَى
قَالَ: وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَبْصَرْتُ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُهُ ... فَراشاً، وأَنَّ البَقْل ذَاوٍ ويَابِسُ
قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذكرناه.
ذيا: قَالَ الْكِلَابِيُّ: يقولُ الرجلُ لِصَاحِبِهِ هَذَا يومُ قُرٍّ، فَيَقُولُ الْآخَرُ: وَاللَّهِ مَا أَصْبَحَتْ بِهَا ذِيَّةٌ أَي لَا قُرَّ بِهَا.
فصل الراء المهملة
رأي: الرُّؤْيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَبِمَعْنَى العِلْم تتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ؛ يُقَالُ: رَأَى زَيْدًا عَالِمًا ورَأَى رَأْياً ورُؤْيَةً ورَاءَةً مِثْلُ راعَة. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرُّؤْيَةُ النَّظَرُ بالعَيْن والقَلْب. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: عَلَى رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ، وفيه ضَعَةٌ، وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ وَاوًا إِبْدَالًا صَحِيحًا فَقَالَ رُويَتِك، ثُمَّ أَدغَمَ لأَنَّ هَذِهِ الواوَ قَدْ صَارَتْ حرفَ علَّة لمَا سُلِّط عَلَيْهَا مِنَ البَدَل فَقَالَ رُيَّتِك، ثُمَّ كَسَرَ الراءَ لِمُجَاوِرَةِ الْيَاءِ فَقَالَ رِيَّتِكَ. وَقَدْ رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة، وَلَيْسَتِ الهاءُ فِي رَأْيَة هُنَا للمَرَّة الْوَاحِدَةِ إِنَّمَا هُوَ مصدَرٌ كَرُؤيةٍ، إلَّا أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ الْوَاحِدَةَ فَيَكُونَ رَأَيْته رَأْية كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُه ضربة، فأَمَّا إذ لَمْ تُردْ هَذَا فرأْية كرؤْية لَيْسَتِ الهاءُ فِيهَا للوَحْدَة. ورَأَيْته رِئْيَاناً: كرُؤْية؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَرَيْتُهُ عَلَى الحَذْف؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها ... مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلا
حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ ... فِي لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ، فانْشَمَلا
خَلْقُ أَربعةٍ: يَعْنِي ضُمورَ أَخْلافها، وانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ كانْشمرَ، يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلًا لِعظَمها حَتَّى يَدلَّ عَلَيْهَا ضُمورُ أَخْلافِها فيَعْلَم حِينَئِذٍ أَنها نَاقَةٌ لأَن الْجَمَلَ لَيْسَ لَهُ خِلْفٌ؛ وأَنشد ابْنُ جِنِّي:
حَتَّى يَقُولَ من رآهُ إذْ رَاهْ: ... يَا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ مَا أَشْقاهْ
أَراد كلَّ من رَآهُ إذْ رَآهُ، فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الْهَمْزَةِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى، ... إِذَا مَا النِّسْعُ طَالَ عَلَى المَطِيَّهْ؟
ومَنْ رَا مثلَ مَعْدانَ بْنِ يَحْيَى، ... إِذَا هَبَّتْ شآمِيَةٌ عَرِيَّهْ؟