ووَجْه، كأَنّ الشَّمْسَ حَلّتْ رِداءَها ... عَلَيْهِ، نَقِيّ اللّونِ لَمْ يتَخَدَّدِ «٢»
. فَإِنَّهُ جَعَلَ لِلشَّمْسِ رِدَاءً، وَهُوَ جَوْهر لأَنه أَبلغ مِنَ النُّور الَّذِي هُوَ العَرَض، وَالْجَمْعُ أَرْدِيَةٌ، وَهُوَ الرِّدَاءَةُ كَقَوْلِهِمِ الإِزارُ والإِزارة، وَقَدْ تَرَدّى بِهِ وارْتَدَى بِمَعْنًى أَيْ لبِسَ الرِّداءَ. وَإِنَّهُ لحَسَنُ الرِّدْيَةِ أَي الارْتِداء. والرِّدْيَة: كالرِّكبةِ مِنَ الرُّكوبِ والجِلْسَةِ مِنَ الجُلُوسِ، تَقُولُ: هُوَ حَسَنُ الرِّدْيَة. ورَدَّيْتُه أَنا تَرْدِيةً. والرِّدَاءُ: الغِطاءُ الْكَبِيرُ. ورجلٌ غَمْرُ الرِّدَاءِ: واسِعُ الْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ رِدَاؤُه صَغِيرًا؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
غَمْرُ الرِّدَاءِ، إِذَا تبَسَّمَ ضاحِكاً ... غَلِقَتْ لضِحْكَتِه رِقابُ المالِ
وعَيْشٌ غَمْرُ الرِّداءِ: واسِعٌ خَصِيبٌ. والرِّدَاءُ: السَّيْفُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بالرِّداءِ مِنَ المَلابِسِ؛ قَالَ مُتَمِّم:
لَقَدْ كَفَّنَ المِنْهالُ، تحتَ رِدَائِه، ... فَتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوعا
وَكَانَ المِنْهالُ قتلَ أَخاهُ مالِكاً، وَكَانَ الرجلُ إِذَا قَتَل رجُلًا مَشْهُورًا وَضَعَ سيفَه عَلَيْهِ ليُعرفَ قاتِلُه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْفَرَزْدَقِ:
فِدًى لسُيوفٍ مِنْ تَمِيمٍ وَفَى بِها ... رِدَائِي، وجَلَّتْ عَنْ وجُوهِ الأَهاتِم
وأَنشد آخَرُ:
يُنازِعُني رِدَائِي عَبْدُ عَمْرٍو، ... رُوَيْداً يَا أَخا سَعْدِ بنِ بَكْرِ
وَقَدْ ترَدَّى بِهِ وارْتَدَى؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذَا كشَفَ اليومُ العَمَاسُ عَنِ اسْتِه، ... فَلَا يَرْتَدي مِثْلي وَلَا يتَعَمَّمُ
كَنَى بِالِارْتِدَاءِ عَنْ تقَلُّد السيفِ، والتَّعَمُّمِ عَنْ حملِ البَيْضة أَو المِغْفَر؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُمَا أَلْبَسُ ثيابَ الْحَرْبِ وَلَا أَتَجَمَّل. والرِّدَاءُ: القَوْسُ؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نِعْمَ الرِّداءُ القَوْسُ
لأَنها تُحْمَلُ مَوْضِعَ الرِّداءِ مِنَ العاتِقِ. والرِّداءُ: العقلُ. والرِّداءُ: الجهلُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
رفَعْتُ رِداءَ الجهلِ عَنِّي وَلَمْ يَكُنْ ... يُقَصِّرُ عنِّي، قَبْلَ ذاكَ، رداءُ
وَقَالَ مَرَّةً: الرِّداء كلُّ مَا زَيَّنَك حَتَّى دارُكَ وابْنُكَ، فَعَلَى هَذَا يكونُ الرِّداء مَا زانَ وَمَا شانَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَبوكَ رِدَاؤُكَ ودارُكَ رِدَاؤُكَ وبُنَيُّكَ رِدَاؤُكَ، وكلُّ مَا زَيَّنَكَ فَهُوَ رِدَاؤُكَ. ورِدَاءُ الشَّبابِ: حُسْنُه وغَضارَتُه ونَعْمَتُه؛ وَقَالَ رؤْبة:
حَتَّى إِذَا الدَّهْرُ اسْتَجَدَّ سِيما ... مِنَ البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما
رِدَاءَهُ والبِشْرَ والنَّعِيما
يَسْتوْهِبُ الدّهرُ الوَسِيمَ أَي الوجهَ الوَسيم رِدَاءَهُ، وَهُوَ نَعْمَتُه، واسْتَجدّ سِيما أَي أَثَراً مِنَ البِلى؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ طَرَفَةَ:
ووَجْه، كأَنّ الشَّمسَ حَلَّتْ رِدَاءَها ... عَلَيْهِ، نَقيّ اللَّونِ لَمْ يَتَخَدَّدِ
أَي أَلقت حُسْنَهَا ونُورَها عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، مِنَ التَّحْلِيَةِ، فَصَارَ نُورُها زِينَةً لَهُ كالحَلْيِ. والمَرَادِي: الأَرْدِيةُ واحِدَتُها مِرْدَاةٌ؛ قَالَ:
لَا يَرْتَدِي مَرادِيَ الحَريرِ، ... وَلَا يُرَى بشِدّةِ الأَمِيرِ،
إلَّا لِحَلْبِ الشَّاةِ والبَعِيرِ
(٢). وفي رواية أخرى: أَلْقَت رداءها