عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
سأُعْطِي الرَّايَةَ غَدًا رجُلًا يُحِبُّه اللهُ ورسولُه
؛ الرَّايَةُ هَاهُنَا: العَلَمُ. يُقَالُ: رَيَّيْتُ الرَّايَةَ أَي رَكَزْتها. ابنُ سِيدَهْ: وأَرْأَيْتُ الرايةَ رَكَزْتها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ وَهَمْزُهُ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ إِنما حُكْمُهُ أَرْيَيْتُها. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ رأَيْت رَايَةً أَي رَكَزْتُها، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أَرْأَيْتُها، وَهُمَا لُغَتَانِ. والرايةُ: الَّتِي توضَع فِي عُنقِ الْغُلَامِ الآبِق. وَفِي الْحَدِيثِ:
الدَّيْنُ رايةُ اللَّهِ فِي الأَرضِ يَجْعَلُها فِي عُنُقِ مَنْ أَذَلَّه
، قَالَ ابْنُ الأَثير: الرايةُ حَدِيدَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ عَلَى قَدر العُنُق تُجعل فِيهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قتادةَ فِي الْعَبْدِ الآبِق: كَرِهَ لَهُ الرَّايَةَ ورَخَّصَ فِي الْقَيْدِ.
اللَّيْثُ: الرَّايَةُ مِنْ رَاياتِ الأَعْلامِ، وَكَذَلِكَ الرَّايَةُ الَّتِي تُجعل فِي العُنق، قَالَ: وَهُمَا مِنْ تأْلِيف يَاءَيْنِ وَرَاءٍ، وَتَصْغِيرُ الرَّايَة رُيَيَّةٌ، وَالْفِعْلُ رَيَيْتُ رَيّاً ورَيَّيْتُ تَرِيَّةً، والأَمر بِالتَّخْفِيفِ ارْيِهْ، وَالتَّشْدِيدُ رَيِّهْ. وعَلَمٌ مَرِيٌّ، بِالتَّخْفِيفِ، وإِن شِئْتَ بَيَّنْت الياءَات فَقُلْتَ مَرْيِيٌّ بِبَيَانِ الياءَات. ورايةُ: بَلَدٌ مِنْ بِلَادِ هُذَيْلٍ. والرَّيُّ: مِنْ بِلَادِ فَارِسَ، النسبُ إِليه رازِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَالرَّاءُ: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهور مُكَرَّرٌ يَكُونُ أَصلًا لَا بَدَلًا وَلَا زَائِدًا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي وأَما قَوْلُهُ:
تَخُطُّ لامَ أَلِف مَوْصُولِ، ... والزايَ والرَّا أَيَّما تَهْلِيلِ
فإِنما أَراد وَالرَّاءَ، مَمْدُودَةً، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ الْوَزْنُ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ مِنَ الرَّاءِ، وَكَانَ أَصل هَذَا وَالزَّايَ وَالرَّاءَ أَيَّما تَهْلِيل، فَلَمَّا اتَّفَقَتِ الْحَرَكَتَانِ حُذِفَتِ الأُولى مِنَ الْهَمْزَتَيْنِ. ورَيَّيْتُ رَاءً: عَمِلْتها، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما أَبو عَلِيٍّ فَقَالَ أَلف الرَّاءِ وأَخواتها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ وَالْهَمْزَةُ بَعْدَهَا فِي حُكْمِ مَا انقلبتْ عَنْ يَاءٍ، لِتَكُونَ الكلمةُ بَعْدَ التَّكمِلةِ والصَّنعة الإِعرابية مِنْ بَابِ شَوَيْتُ وطَوَيْتُ وحَوَيْت، قَالَ ابْنُ جِنِّي، فَقُلْتُ لَهُ أَلسنا قَدْ عَلِمْنَا أَن الأَلف فِي الرَّاءِ هِيَ الأَلف فِي يَاءٍ وَبَاءٍ وَثَاءٍ إِذا تَهَجَّيْتَ وأَنت تَقُولُ إِن تِلْكَ الأَلف غَيْرُ مُنْقَلِبَةٍ مِنْ يَاءٍ أَو وَاوٍ لأَنها بِمَنْزِلَةِ أَلف مَا وَلَا؟ فَقَالَ: لَمَّا نُقِلت إِلى الِاسْمِيَّةِ دَخَلَهَا الحُكْم الَّذِي يَدْخُلُ الأَسماء مِنَ الِانْقِلَابِ والتَّصَرُّف، أَلا تَرَى أَننا إِذا سَمَّيْنَا رَجُلًا بضَرَبَ أَعربناه لأَنه قَدْ صَارَ فِي حَيِّز مَا يَدْخُلُهُ الإِعراب، وَهُوَ الأَسماء، وإِن كُنَّا نَعْلَمُ أَنه قَبْلَ أَن يُسمى بِهِ لَا يُعْرَبُ لأَنه فِعْلٌ مَاضٍ، وَلَمْ تَمْنَعْنا مَعْرِفَتُنا بِذَلِكَ مِنْ أَن نَقْضِيَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ مَا صَارَ مِنْهُ وإِليه، فَكَذَلِكَ أَيضاً لَا يَمْنَعُنا عِلْمُنا بأَن ألف رَا بَا تَا ثَا غَيْرُ مُنْقَلِبَةٍ، مَا دَامَتْ حُرُوفَ هِجَاءٍ، مِنْ أَن نَقْضِيَ عَلَيْهَا إِذا زِدْنَا عَلَيْهَا أَلفاً أُخرى، ثمَّ هَمَزْنَا تِلْكَ الْمَزِيدَةَ بأَنها الْآنَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ وأَن الْهَمْزَةَ مُنْقَلِبَةٌ عَنِ الْيَاءِ إِذا صَارَتْ إِلى حُكْمِ الِاسْمِيَّةِ الَّتِي تَقْضي عَلَيْهَا بِهَذَا وَنَحْوِهِ، قَالَ: وَيُؤَكِّدُ عِنْدَكَ أَنهم لَا يجوِّزون رَا بَا تَا ثَا حَا خَا وَنَحْوَهَا مَا دَامَتْ مَقْصُورَةً مُتَهَجَّاةً، فإِذا قُلْتَ هَذِهِ رَاءٌ حَسَنَةٌ وَنَظَرْتَ إِلى هَاءٍ مَشْقُوقَةٍ جَازَ أَن تُمَثِّلَ ذَلِكَ فَتَقُولُ وَزْنُهُ فَعَلٌ كَمَا تَقُولُ فِي دَاءٍ وَمَاءٍ وَشَاءٍ إِنه فَعَلٌ، قَالَ: فَقَالَ لأَبي عَلِيٍّ بعضُ حَاضِرِي الْمَجْلِسِ أَفتجمع عَلَى الْكَلِمَةِ إِعلال الْعَيْنِ وَاللَّامِ؟ فَقَالَ: قَدْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَحرف صَالِحَةٌ فَيَكُونُ هَذَا مِنْهَا وَمَحْمُولًا عَلَيْهَا. ورايةُ: مَكَانٌ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَيْزارَة:
رِجالٌ ونِسْوانٌ بأَكْنافِ رايةٍ، ... إِلى حُثُنٍ تلكَ العُيونُ الدَّوامعُ
والله أَعلم.