غَيْرِهِمَا؛ وأَنشد:
ويَرَاني كالشَّجا فِي حَلْقِهِ، ... عَسِراً مَخْرَجُه مَا يُنْتَزَعْ
وَقَدْ شَجِيَ بِهِ، بِالْكَسْرِ، يَشْجى شَجاً؛ قال المُسَيَّب بْنُ زَيْدِ مَناةَ:
لَا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وَقَدْ سُبِينا، ... فِي حَلْقِكم عَظْمٌ، وَقَدْ شَجِينا
أَراد فِي حُلُوقِكم؛ وَقَوْلُ عديِّ بْنِ الرِّقَاعِ:
فَإِذَا تَجَلْجَلَ فِي الفُؤادِ خَيالُها، ... شَرِقَ الجُفُونُ بعَبْرَةٍ تَشْجاها
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد تَشْجَى بِهَا فحذَفَ وعَدَّى، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَدَّى تَشْجَى نفْسَها دونَ واسِطةٍ، والأَوَّل أَعْرَف. وأَشْجَيْتُ فُلَانًا عنِّي: إِمَّا غريمٌ، وَإِمَّا رجُلٌ سأَلك فأَعْطَيتَه شَيْئًا أَرْضَيْتَه بِهِ فذَهب فَقَدْ أَشْجَيْتَه. وَيُقَالُ للغَرِيمِ: شَجِيَ عنِّي يَشْجَى أَيْ ذَهَب. وأَشْجَاه الشيءُ: أَغصَّه. ورجلٌ شَجٍ أَي حَزِينٌ، وامرأَةٌ شَجِيَةٌ، عَلَى فَعِلَةٍ، ورجلٌ شجٍ. وَفِي مثَلٍ لِلْعَرَبِ: ويلٌ للشَّجِي مِنَ الخَلِي، وَقَدْ تُشدد ياءُ الشَّجي فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَول أَعرف. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْمُبَرِّدُ ياءُ الخَليِّ مشددةٌ وياءُ الشَّجي مُخَفَّفَةٌ، قَالَ: وَقَدْ شدِّد فِي الشِّعْرِ؛ وأَنشد:
نامَ الخَلِيُّون عَنْ ليلِ الشَّجِيِّينا، ... شَأْنُ السُّلاةِ سِوى شأْنِ المُحِبِّينا
قَالَ: فَإِنْ جعَلْت الشَّجيَّ فَعِيلًا مِنْ شَجاهُ الحُزنُ فَهُوَ مَشْجُوٌّ وشَجِيٌّ، بِالتَّشْدِيدِ لَا غَيْرُ، قَالَ: وَالنِّسْبَةُ إِلَى شَجٍ شَجَوِيٌّ، بِفَتْحِ الْجِيمِ كَمَا فُتِحت مِيمُ نَمِرٍ، فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلفاً ثُمَّ قلبتَها وَاوًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو جَعْفَرٍ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ الْمَعْرُوفُ بأَبي عَصيدَة الصَّوَابُ ويلُ الشَّجِيِّ من الخَليِّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وأَما الشَّجِي، بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ الَّذِي أَصابَه الشَّجا وَهُوَ الغَصَصُ، وأَما الحزينُ فَهُوَ الشَّجِيُّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ المثلُ ويلُ الشَّجِي بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ لَكَانَ ينْبغي أَنْ يُقَالَ مِنَ المُسِيغِ، لأَن الإِساغَة ضدُّ الشَّجا كَمَا أَن الفَرح ضدُّ الحُزنِ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ ويلُ الشَّجي من الخَلي، وَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ رَوَاهُ، وَصَوَابُهُ الشَّجيّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الأَسود الدؤَلي:
ويلُ الشَّجيِّ مِنَ الخَليِّ، فَإِنَّهُ ... نَصِبُ الفُؤاد لشَجْوهِ مَغْمُومُ
قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي دُوَادٍ:
مَن لعَينٍ بدَمْعِها مَوْلِيَّهْ، ... ولنَفْسٍ مِمَّا عَنَاهَا شَجِيَّهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ وَجَبَ أَن يُنْظَر توْجِيهُه مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، قَالَ: وَوَجْهُهُ أَن يَكُونَ المفعولَ مِنْ شَجَوْتُه أَشْجُوه، فَهُوَ مَشْجُوٌّ وشَجيٌّ، كَمَا تَقُولُ جرَحْته فَهُوَ مَجْروحٌ وجريحٌ، وأَما شَجٍ، بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ اسمُ الْفَاعِلِ مِنْ شَجِيَ يَشْجى، فَهُوَ شَجٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الشَّجِي الْمَشْغُولُ والخَلي الفارِغُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّجِي، مَقْصُورٌ، والخَليُّ مَمْدُودٌ؛ التَّهْذِيبُ: هُوَ الَّذِي شَجِيَ بعَظْمٍ غَصَّ بِهِ حلْقه. يُقَالُ: شَجِيَ يَشْجَى شَجاً فَهُوَ شَجٍ كَمَا تَرَى، وَكَذَلِكَ الَّذِي شَجِيَ بالهمِّ فَلَمْ يَجِدْ مَخْرَجًا مِنْهُ وَالَّذِي شَجِيَ بقِرْنهِ فَلَمْ يُقاوِمْه، وكلُّ ذَلِكَ مَقْصُورٌ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْفَصِيحُ فَإِنْ تجامَلَ إنسانٌ ومدَّ الشَّجِيَّ فَلَهُ مخارجُ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ تُسَوِّغُ لَهُ مذْهَبَه، وَهُوَ أَن تجعلَ الشَّجِيَّ بِمَعْنَى المَشْجُوِّ فَعِيلًا مِنْ شَجَاه يَشْجُوه،