وَالْكَلِمَةُ واوِيَّة ويائيَّة. وَشَفَى الهلالُ: طَلعَ، وشَفَى الشخصُ: ظَهَرَ؛ هَاتَانِ عَنِ الْجَوْهَرِيِّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّفَى مقصورٌ بقيَّةُ الهلالِ وبقيةُ الْبَصَرِ وَبَقِيَّةُ النَّهَارِ وَمَا أَشبهه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَنْ تَشَرَّفا، ... أَشْرَفْتُه بِلَا شَفَى أَو بِشَفَى
قَوْلُهُ بِلَا شَفَى أَي وَقَدْ غابَتِ الشمسُ، أَو ب شَفَى أَيْ أَو قدْ بَقِيَتْ مِنْهَا بقِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
كالشِّعْرَيَيْن لاحَتا بعْدَ الشَّفَى
شبَّه عَيْنَيْ أَسَدٍ فِي حُمْرَتِهِما بالشِّعْرَيَيْن بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لأَنَّهما تَحْمَرَّان فِي أَوَّل الليلِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ موتهِ وَلِلْقَمَرِ عِنْدَ امِّحاقِه وَلِلشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا مَا بَقِيَ مِنْهُ إِلَّا شَفىً أَي قليلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا كَانَتِ المُتْعة إلَّا رَحْمةً رَحِمَ اللهُ بِهَا أُمَّة محمدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْلَا نَهْيُه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنا أَحَدٌ إلَّا شَفىً
أَي إلَّا قليلٌ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ: وَاللَّهِ لكَأَنِّي أَسمَعُ قَوْلَهُ إلَّا شَفىً؛ عَطَاءٌ القائلُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يدلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلِمَ أَنَّ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ المُتْعة فَرَجَعَ إِلَى تَحْرِيمِها بعد ما كَانَ بَاحَ بإحْلالِها، وَقَوْلُهُ: إلَّا شَفىً أَي إلَّا خَطِيئةً مِنَ النَّاسِ قَلِيلَةً لَا يَجدونَ شَيْئًا يَسْتَحِلُّون بِهِ الفُروج، مِنْ قَوْلِهِمْ غابتِ الشمسُ إِلَّا شَفىً أَي قَلِيلًا مِنْ ضَوْئِها عِنْدَ غُرُوبِهَا. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ إِلَّا شَفىً أَي إِلَّا أَنْ يُشْفيَ، يَعْنِي يُشْرِفَ عَلَى الزِّنا وَلَا يُواقِعَه، فأَقام الاسمَ وَهُوَ الشَّفَى مُقامَ المصدرِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ الإِشفاءُ عَلَى الشَّيْءَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: ف أَشْفَوْا عَلَى المَرْجِ
أَي أَشرَفُوا عليه ولا يَكادُ يقالُ أَشْفَى إِلَّا فِي الشَّرِّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَعدٍ: مَرِضْتُ مَرَضاً أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَا تَنْظُروا إِلَى صَلَاةِ أَحدٍ وَلَا إِلَى صِيامِه وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى وَرَعه إِذَا أَشْفَى
أَي إِذَا أَشرَف عَلَى الدُّنيا وأَقبَلَتْ عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
إِذَا اؤْتُمِنَ أَدَّى وَإِذَا أَشْفَى وَرِع
أَي إِذَا أَشرف عَلَى شيءٍ توَرَّعَ عَنْهُ، وَقِيلَ: أَراد المَعْصِية والخِيانة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رجُلًا أَصابَ مِنْ مَغْنَمٍ ذَهَباً فأَتى بِهِ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يدْعُو لَهُ فِيهِ فَقَالَ: مَا شَفَّى فلانٌ أَفضلُ مِمَّا شَفَّيْتَ تَعَلَّمَ خَمسَ آياتٍ
؛ أَراد: مَا ازْدادَ ورَبِحَ بتَعلُّمِه الْآيَاتِ الخمسَ أَفضلُ مِمَّا اسْتَزَدْتَ ورَبِحْتَ مِنْ هَذَا الذَّهَبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّهُ مِنْ بَابِ الإِبْدالِ فإنَّ الشَّفَّ الزيادةُ والرِّبْحُ، فكأَنّ أَصلَه شَفّفَ فأُبْدِلت إِحْدَى الفاءَات يَاءً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: دَسَّاها، فِي دَسَّسَها، وتقَضَّى الْبَازِي فِي تقَضَّضَ، وَمَا بقِيَ مِنَ الشَّمْسِ والقَمَرِ إِلَّا شَفىً أَي قليلٌ. وشَفَتِ الشمسُ تَشْفِي وشَفِيَتْ شَفىً: غَرَبَتْ، وَفِي التَّهْذِيبِ: غابَتْ إِلَّا قَلِيلًا، وأَتيتهُ بشَفىً مِنْ ضَوْءِ الشمسِ؛ وأَنشد:
وَمَا نِيلُ مِصْرٍ قُبَيْلَ الشَّفَى، ... إِذَا نفَحَتْ رِيحُه النافِحَهْ
أَي قُبَيْلَ غروبِ الشَّمْسِ. وَلَمَّا أَمرَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَسّانَ بهِجاءِ كُفارِ قُرَيْشٍ ففَعَلَ قَالَ: شَفَى واشْتَفَى؛ أَراد أَنه شَفَى المْؤمنين واشْتَفَى بنفْسهِ أَي اخْتَصَّ بالشِّفاءِ، وَهُوَ مِنَ الشِّفاءِ البُرْءِ مِنَ الْمَرَضِ، يُقَالُ: شَفاهُ اللَّهُ يَشْفِيه، واشْتَفَى افتَعَل مِنْهُ، فنقَله مِنْ شِفاءِ الأَجسامِ إِلَى شِفاء القُلُوبِ والنُّفُوس. واشْتَفَيْتُ بِكَذَا وتَشَفَّيْتُ