والنَّصْبُ والنُّصُبُ: العَلَم المَنْصُوب. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
كأَنهم إِلى نَصْبٍ يُوفِضُونَ؛ قُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا
، وَقِيلَ: النَّصْبُ الْغَايَةُ، والأَول أَصحّ. قَالَ أَبو إِسحاق: مَن قرأَ إِلى نَصْبٍ، فمعناه إِلى عَلَمٍ مَنْصُوبٍ يَسْتَبِقُون إِليه؛ وَمَنْ قرأَ إِلى نُصُبٍ، فَمَعْنَاهُ إِلى أَصنام كَقَوْلِهِ: وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ
، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الْفَرَّاءُ؛ قَالَ: والنَّصْبُ واحدٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهُ الأَنْصابُ. واليَنْصُوبُ: عَلم يُنْصَبُ فِي الفلاةِ. والنَّصْبُ والنُّصُبُ: كلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْجَمْعُ أَنْصابٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: النُّصُبُ جَمْعٌ، وَاحِدُهَا نِصابٌ. قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ وَاحِدًا، وَجَمْعُهُ أَنْصاب. الْجَوْهَرِيُّ: النَّصْبُ مَا نُصِبَ فعُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ النُّصْب، بِالضَّمِّ، وقد يُحَرّكُ مثل عُسْر؛ قَالَ الأَعشى يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ... لعافيةٍ، واللهَ رَبَّكَ فاعبُدا «٣»
أَراد: فاعبدنْ، فَوَقَفَ بالأَلف، كَمَا تَقُولُ: رأَيت زَيْدًا؛ وَقَوْلُهُ: وَذَا النُّصُبَ، بِمَعْنَى إِياك وَذَا النُّصُبَ؛ وَهُوَ لِلتَّقْرِيبِ، كَمَا قَالَ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ سَئِمْتُ مِنَ الحَياةِ وطولِها، ... وسُؤَالِ هَذَا الناسِ كَيْفَ لَبيدُ
وَيُرْوَى عَجُزُ بَيْتِ الأَعشى: وَلَا تَعْبُدِ الشيطانَ، واللهَ فاعْبُدا التَّهْذِيبُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: كأَنَّ النُّصُبَ الآلهةُ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ مِنْ أَحجار. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَعَلَ الأَعشى النُّصُبَ وَاحِدًا حَيْثُ يَقُولُ:
وذا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّه
والنَّصْبُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَجَمْعُهُ الأَنْصابُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
طَوَتْها بِنَا الصُّهْبُ المَهاري، فأَصْبَحَتْ ... تَناصِيبَ، أَمثالَ الرِّماحِ بِهَا، غُبْرا
والتَّناصِيبُ: الأَعْلام، وَهِيَ الأَناصِيبُ، حجارةٌ تُنْصَبُ عَلَى رُؤُوسِ القُورِ، يُسْتَدَلُّ بِهَا؛ وَقَوْلُ الشاعر:
وَجَبَتْ لَهُ أُذُنٌ، يُراقِبُ سَمْعَها ... بَصَرٌ، كناصِبةِ الشُّجاعِ المُرْصَدِ
يُرِيدُ: كَعَيْنِهِ الَّتِي يَنْصِبُها لِلنَّظَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَنْصابُ حِجَارَةٌ كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، تُنْصَبُ فيُهَلُّ عَلَيْهَا، ويُذْبَحُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وأَنْصابُ الْحَرَمِ: حُدوده. والنُّصْبةُ: السَّارِية. والنَّصائِبُ: حِجَارَةٌ تُنْصَبُ حَولَ الحَوض، ويُسَدُّ مَا بَيْنَهَا مِنَ الخَصاص بالمَدَرة الْمَعْجُونَةِ، وَاحِدَتُهَا نَصِيبةٌ؛ وكلُّه مِنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ
، وَقَوْلُهُ: وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ
؛ الأَنْصابُ: الأَوثان. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُرْدِفي إِلى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصاب، فذَبحنا لَهُ شَاةً، وَجَعَلْنَاهَا فِي سُفْرتِنا، فلَقِيَنا زيدُ بْنُ عَمْرو، فقَدَّمْنا لَهُ السُّفرةَ، فَقَالَ: لَا آكُلُ مِمَّا ذُبحَ لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ:
أَن زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فَدَعَاهُ إِلى الطَّعَامِ فَقَالَ زيدٌ: إِنَّا لَا نأْكل مِمَّا ذُبحَ عَلَى النُّصُب.
قَالَ ابْنُ الأَثير، قَالَ الحربيُّ: قَوْلُهُ ذَبحنا لَهُ شاةً له وجهان:
(٣). قوله لعافية كذا بنسخة من الصحاح الخط وفي نسخ الطبع كنسخ شارح القاموس لعاقبة