كَسَوْناها مِنَ الرَّيْطِ اليَماني ... مُسُوحاً، فِي بَنائِقها فُضُولُ
يَصِفُ إِبلًا كَانَتْ بِيضًا وسَوَّدها العَرَنُ، فكأَنها كُسِيَتْ مُسُوحاً سوداً بعد ما كَانَتْ بِيضًا. والطَّهَيَانُ: كأَنه اسْمُ قُلَّةِ جبلٍ. والطَّهَيَانُ: خَشَبَةٌ يُبَرَّد عَلَيْهَا الماءُ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَحولِ الكِنْدِي:
مُبرَّدةً باتَتْ عَلَى طَهَيانِ
وحَمْنانُ مكةُ «١» شرَّفَها اللَّهُ تَعَالَى. ورأَيتُ بِخَطِّ الشَّيْخِ الْفَاضِلِ رَضِيِّ الدِّينِ الشاطِبيّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي حَوَاشِي كِتَابِ أَمَالي ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ طَهَيَان، بِفَتْحِ أَوله وَثَانِيهِ وَبَعْدَهُ الياءُ أُخت الواوِ، اسْمُ ماءٍ. وطَهَيَان: جَبَلٌ؛ وأَنشد:
فلَيْتَ لَنَا، مِنْ ماءِ حَمْنانَ، شَرْبةً ... مُبَرَّدةً باتَت عَلَى الطَّهَيَانِ
وشَرحَه فَقَالَ: يُرِيدُ بَدَلًا مِنْ ماءِ زمزَم كَمَا قَالَ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، لأَهل الْعِرَاقِ، وَهُمْ مِائَةُ أَلف أَو يَزِيدُونَ: لَوَدِدْتُ لَوْ أَنَّ لِي مِنْكُمْ مائَتَيْ رجلٍ مِنْ بَني فِراسِ بنِ غَنْمٍ لَا أُبالي مَنْ لَقِيتُ بهم.
طوي: الطَّيُّ: نَقِيضُ النَّشْرِ، طَوَيْته طَيّاً وطِيَّةً وَطِيَةً، بِالتَّخْفِيفِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَهِيَ نَادِرَةٌ، وَحَكَى: صَحِيفة جافيَة الطِّيَةِ، بِالتَّخْفِيفِ أَيضاً، أَي الطَّيّ. وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ: طَيَّةٌ وطُوًى ككَوَّة وكُوًى، وطَوَيته وَقَدِ انْطَوَى واطَّوَى وتَطَوَّى تَطَوِّياً، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: تَطَوَّى انْطِواءً؛ وأَنشد:
وَقَدْ تَطَوَّيْتُ انطِواءَ الحِضْبِ
الحِضْبُ: ضربٌ مِنَ الحَيَّاتِ، وَهُوَ الوتَرُ أَيضاً، قَالَ: وَكَذَلِكَ جميعُ مَا يُطْوَى. وَيُقَالُ: طَوَيتُ الصَّحيفةَ أَطْوِيها طَيّاً، فالطَّيُّ المصدرُ، وطَوَيْتُها طَيَّةً وَاحِدَةً أَي مَرَّةً وَاحِدَةً. وإِنه لحَسَنُ الطِّيَّة، بِكَسْرِ الطاءِ: يُرِيدُونَ ضَرْباً مِنَ الطَّيِّ مثلُ الجِلسَة والمِشْيَة والرِّكْبةِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِنَ دِمْنَةٍ نَسَفَتْ عَنْهَا الصَّبا سُفَعاً، ... كَمَا تُنَشَّرُ بعدَ الطِّيَّةِ الكُتُبُ
فكسَر الطَّاءَ لأَنه لَمْ يُرِدْ بِهِ المَرَّة الْوَاحِدَةَ. وَيُقَالُ للحيَّة وَمَا يُشبِهُها: انْطَوَى يَنْطوِي انْطِواءً فَهُوَ مُنْطَوٍ، عَلَى مُنْفَعِلٍ. وَيُقَالُ: اطَّوَى يَطَّوِي اطِّواءً إِذا أَردتَ بِهِ افْتَعَل، فأَدْغِمِ التَّاءَ فِي الطاءِ فَتَقُولُ مُطَّوٍ مُفْتَعِل. وَفِي حَدِيثِ بناءِ الكَعْبةِ:
فتَطَوَّتْ موضعَ البَيْتِ كالحَجَفَة
أَي اسْتَدارَتْ كالتُّرْسِ، وَهُوَ تَفَعَّلَتْ مِنَ الطيِّ. وَفِي حَدِيثِ السفَرِ:
اطْوِ لَنا الأَرضَ
أَي قَرِّبها لَنَا وسَهِّلِ السَّيْرَ فِيهَا حَتَّى لَا تَطُولَ عَلَيْنَا فكأَنها قَدْ طُوِيَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الأَرضَ تُطْوَى بالليلِ مَا لَا تُطْوَى بالنَّهارِ
أَي تُقْطَع مسافتُها لأَن الإِنسان فِيهِ أَنشَطُ مِنْهُ فِي النهارِ وأَقدرُ عَلَى المَشْي والسيرِ لعدمِ الحَرِّ وَغَيْرِهِ. والطَّاوِي مِنَ الظِّباءِ: الَّذِي يَطْوِي عُنُقَه عِنْدَ الرُّبوضِ ثُمَّ يَرْبِضُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَغَنّ غَضِيض الطَّرْفِ، باتَتْ تَعُلُّه ... صَرَى ضَرّةٍ شَكْرى، فأَصْبَحَ طَاوِيا
عَدَّى تَعُلُّ إِلى مفعولَيْن لأَن فِيهِ مَعْنَى تَسْقِي. والطِّيَّة: الْهَيْئَةُ الَّتِي يُطْوَى عَلَيْهَا. وأَطْوَاءُ الثَّوْبِ والصحيفةِ والبطْنِ والشَّحمِ والأَمعاء والحَيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: طَرائِقُه ومَكاسِرُ طَيِّه،
(١). قوله وحمنان مكة أي في صدر البيت على الرواية الآتية بعده،. وقد أسلفها في مادة ح م ن ونسب البيت هناك ليعلى بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قَيْسٍ الشكري، قال: وَشَكْرٌ قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَزْدِ.