رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتاه أَعرابيّ فَقَالَ: إِني عَلَى نَاقَةٍ دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ، واسْتَحْمَله فَظَنَّهُ كَاذِبًا، فَلَمْ يَحْمِلْه، فانطَلَقَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَقْسَمَ باللهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ: ... مَا مَسَّها مِنْ نَقَبٍ وَلَا دَبَرْ
أَراد بالنَّقَبِ هَاهُنَا: رِقَّةَ الأَخْفافِ. نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ، فَهُوَ نَقِبٌ. وَفِي
حَدِيثِهِ الْآخَرِ قَالَ لامرأَةٍ حَاجَّةٍ: أَنْقَبْتِ وأَدْبَرْتِ
أَي نَقِبَ بعيرُك ودَبِرَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: ولْيَسْتَأْنِ بالنَّقِبِ والظَّالِع
أَي يَرْفُقْ بِهِمَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الجَرَب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: فنَقبَتْ أَقْدامُنا
أَي رَقَّتْ جُلودُها، وتَنَفَّطَتْ مِنَ المَشْيِ. ونَقِبَ الخُفُّ الملبوسُ نَقَباً: تَخَرَّقَ، وَقِيلَ: حَفِيَ. ونَقِبَ خُفُّ الْبَعِيرِ نَقَباً إِذا حَفِيَ حَتَّى يَتَخَرَّقَ فِرْسِنُه، فَهُوَ نَقِبٌ؛ وأَنْقَبَ كَذَلِكَ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
وَقَدْ أَزْجُرُ العَرْجاءَ أَنْقَبَ خُفُّها، ... مَناسِمُها لَا يَسْتَبِلُّ رَثِيمُها
أَراد: ومَناسِمُها، فَحَذَفَ حَرْفَ الْعَطْفِ، كَمَا قَالَ: قَسَمَا الطَّارِفَ التَّلِيدَ؛ وَيُرْوَى: أَنْقَبُ خُفِّها مَناسِمُها. والمَنْقَبُ مِنَ السُّرَّة: قُدَّامُها، حَيْثُ يُنْقَبُ البَطْنُ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْفَرَسِ؛ وَقِيلَ: المَنْقَبُ السُّرَّةُ نَفْسُها؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ الْفَرَسَ:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفِه، ... إِلى طَرَفِ القُنْبِ
فالمَنْقَبِ، لُطِمْنَ بتُرْسٍ، شَدِيدِ الصِّفَاقِ، ... مِنْ خَشَبِ الجَوْز، لَمْ يُثْقَبِ
والمِنْقَبةُ: الَّتِي يَنْقُب بِهَا البَيْطارُ، نادرٌ. والبَيْطارُ يَنْقُبُ فِي بَطْنِ الدَّابَّةِ بالمِنْقَبِ فِي سُرَّته حَتَّى يَسيل مِنْهُ مَاءٌ أَصْفر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كالسِّيدِ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، ... وَلَمْ يَسِمْه، وَلِمَ يَلْمِسْ لَهُ عَصَبا
ونَقَبَ البَيْطارُ سُرَّة الدَّابَّةِ؛ وَتِلْكَ الحديدةُ مِنْقَبٌ، بِالْكَسْرِ؛ وَالْمَكَانُ مَنْقَبٌ، بِالْفَتْحِ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لمُرَّة بْنِ مَحْكَانَ:
أَقَبّ لَمْ يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، ... وَلَمْ يَدِجْهُ، وَلَمْ يَغْمِزْ لَهُ عَصَبا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه اشْتَكَى عَيْنَه، فكَرِهَ أَنْ يَنْقُبَها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: نَقْبُ العَيْنِ هُوَ الَّذِي تُسَمِّيه الأَطباءُ القَدْح، وَهُوَ مُعالجةُ الماءِ الأَسْودِ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْعَيْنِ؛ وأَصله أَن يَنْقُر البَيْطارُ حَافِرَ الدَّابَّةِ ليَخْرُجَ مِنْهُ مَا دَخل فِيهِ. والأَنْقابُ: الآذانُ، لَا أَعْرِفُ لَهَا وَاحِدًا؛ قَالَ القَطامِيُّ:
كانتْ خُدُودُ هِجانِهِنَّ مُمالةً ... أَنْقابُهُنَّ، إِلى حُداءِ السُّوَّقِ
وَيُرْوَى: أَنَقاً بِهنَّ أَي إِعْجاباً بِهنَّ. التَّهْذِيبُ: إِن عَلَيْهِ نُقْبةً أَي أَثَراً. ونُقْبةُ كُلِّ شيءٍ: أَثَرُه وهَيْأَتُهُ. والنُّقْبُ والنُّقَبُ: القِطَعُ المتفرّقَةُ مِنَ الجَرَب، الْوَاحِدَةُ نُقْبة؛ وَقِيلَ: هِيَ أَوَّلُ مَا يَبْدُو مِنَ الجَرَب؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
مُتَبَذِّلًا، تَبدُو مَحاسِنُه، ... يَضَعُ الهِناءَ مواضِعَ النُّقْبِ
وَقِيلَ: النُّقْبُ الجَربُ عَامَّةً؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قولَ أَبي محمدٍ، الحَذْلَمِيِّ:
وتَكْشِفُ النُّقْبةَ عَنْ لِثامِها