ككَرَمْتُه وفَخَرْتُه مِنَ الكَرَم والفَخْر. وعَصَّاه العَصَا: أَعطاه إِيَّاهَا؛ قَالَ طُرَيح:
حَلَّاك خاتَمَها ومِنْبَرَ مُلْكِها، ... وعَصا الرسولِ كَرَامَةً عَصَّاكَها
وأَلْقى المسافِرُ عَصاهُ إِذَا بَلَغ موضِعَه وأَقام، لأَنه إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ أَلْقى عَصاه فخيَّم أَو أَقام وتركَ السَّفَرَ؛ قَالَ مُعَقِّرُ بنُ حِمارٍ البارقيُّ يَصِفُ امرأَةً كَانَتْ لَا تَسْتَقِرُ عَلَى زَوْج، كُلَّمَا تَزَوَّجت رَجُلًا فارَقتْه واسْتَبْدلتْ آخرَ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كُلَّمَا تزوَّجَها رجُلٌ لَمْ تواتِه وَلَمْ تَكْشِفْ عَنْ رأْسِها وَلَمْ تُلْقِ خِمارها، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَامَةَ إبائِها وأَنها لَا تُريدُ الزَّوْج، ثُمَّ تَزَوَّجها رجُلٌ فرَضِيتْ بِهِ وأَلْقَتْ خِمارها وكَشفتْ قِناعَها:
فأَلْقتْ عَصاها واسْتَقرَّ بِهَا النَّوَى، ... كَمَا قَرَّ عَيْناً بالإِيابِ المُسافِرُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البَيتُ لعبدِ رَبِّه السُّلَمِيِّ، وَيُقَالُ لسُلَيْم بْنِ ثُمامَة الحَنَفي، وَكَانَ هَذَا الشَّاعِرُ سَيَّر امرأَتَه مِنَ الْيَمَامَةِ إِلى الْكُوفَةِ؛ وأَول الشَّعْرِ:
تَذَكَّرْتُ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرث بَعْدَ ما ... مَضَتْ حِجَجٌ عَشْرٌ، وَذُو الشَّوق ذاكِرُ
قَالَ: وَذَكَرَ الآمِدي أَنَّ الْبَيْتَ لمُعَقِّر بْنِ حمارٍ الْبَارِقِيِّ؛ وَقَبْلَهُ:
وحَدَّثَها الرُّوّادُ أَنْ لَيْسَ بينَها، ... وَبَيْنَ قُرى نَجْرانَ والشامِ، كافِرُ
كَافِرٌ أَي مَطَر؛ وَقَوْلُهُ:
فأَلْقَتْ عَصاها واسْتَقرَّ بِهَا النَّوى
يُضْرب هَذَا مَثَلًا لكلِّ منْ وافَقَه شيءٌ فأَقام عَلَيْهِ؛ وَقَالَ آخَرُ:
فأَلْقَتْ عَصَا التَّسْيارِ عَنْهَا، وخَيَّمَتْ ... بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ بِيضٍ مَحافِرُه
وَقِيلَ: أَلْقى عَصاه أَثْبَتَ أَوتادَه فِي الأَرض ثُمَّ خَيَّمَ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَظُنُّك لمَّا حَضْحَضَتْ بَطْنَكَ العَصا، ... ذَكَرْتَ مِنَ الأَرْحام مَا لَسْتَ ناسِيا «١»
قَالَ: العَصا عَصا الْبَيْنِ هَاهُنا. الأَصمعي فِي بَابُ تَشبيه الرجُل بأَبيه: العَصَا مِنَ العُصَيّة؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَكَذَا قَالَ «٢» وأَنا أَحسَبُه العُصَيَّةُ مِنَ العَصَا، إِلَّا أَن يُرادَ بِهِ أَن الشَّيْءَ الجلِيل إِنَّمَا يَكُونُ فِي بَدْئه صَغِيراً، كَمَا قَالُوا إِنَّ القَرْمَ مِنَ الأَفِيلِ، فَيَجُوزُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُقَالَ العَصا مِنَ العُصَيَّة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي بَعْضُ الأَمر مِنْ بَعضٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ: ويَكْفِيكَ أَنْ لَا يَرْحلَ الضَّيْفُ مُغْضَباً عَصَا العَبْدِ، والبِئْرُ الَّتِي لَا تُمِيهُها يَعْنِي بعَصَا العَبْدِ العُودَ الَّذِي تحرَّكُ بِهِ المَلَّة وَبِالْبِئْرِ الَّتِي لَا تُمِيهُها حُفْرَةَ المَلَّة، وأَرادَ أَنْ يرحَلَ الضيفُ مغْضَباً فَزَادَ لَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ؛ أَي أَنْ تَسْجُدَ. وأَعْصَى الكَرْمُ: خَرَجَت عِيدانُه أَو عِصِيُّه وَلَمْ يُثْمِرْ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ للقوْم إِذا اسْتُذِلُّوا مَا هُمْ إِلَّا عبيدُ العَصَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُمْ عبيدُ العَصا أَي يُضْرَبُون بِهَا؛ قَالَ:
قُولَا لِدُودانَ عَبِيدِ العَصَا: ... مَا غَرَّكمْ بالأَسَد الباسِلِ؟
(١). قوله حضحضت إلخ هو هكذا بالحاء المهملة في الأصل.
(٢). قوله قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هَكَذَا قال إلخ في التكملة: والعُصَيَّة أم العَصَا التي هي لجذيمة وفيها المثل العَصَا من العُصَيَّة.