وعُفْوَتُه: شَعَر رَأْسِه. وعَفا المَنزِلُ يَعْفُو وعَفَت الدارُ ونحوُها عَفاءً وعُفُوّاً وعَفَّت وتَعَفَّت تَعَفِّياً: دَرَسَت، يَتَعدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وعَفَتْها الرِّيحُ وعَفَّتْها، شدّد للمبالغة؛ وقال:
أَهاجَكَ رَبْعٌ دارِسُ الرَّسْمِ، باللِّوَى، ... لأَسماءَ عَفَّى آيَةُ المُورُ والقَطْرُ؟
وَيُقَالُ: عَفَّى اللهُ عَلَى أَثَرِ فُلَانٍ وعَفَا اللَّهُ عَلَيْهِ وقَفَّى اللَّهُ عَلَى أَثَرِ فلانٍ وقَفا عَلَيْهِ بِمَعْنًى واحدٍ. والعُفِيُّ: جَمْعُ عافٍ وَهُوَ الدارسُ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الخَيل والرَّقيقِ فأَدُّوا زَكَاةَ أَموالِكم
أَي ترَكْتُ لَكُمْ أَخْذَ زَكَاتِهَا وتجاوَزْت عَنْهُ، مِنْ قَوْلِهِمْ عَفَت الريحُ الأَثَرَ إِذَا طَمَسَتْه ومَحَتْه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَم سَلَمَةَ: قَالَتْ لِعُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا تُعَفِّ سَبِيلًا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَحَبَها
أَي لَا تَطْمِسْها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَعافَوُا الحُدُود فِيمَا بَيْنَكُمْ
؛ أَي تجاوَزُوا عَنْهَا وَلَا تَرْفَعُوها إِلَيَّ فَإِنِّي مَتَى علمْتُها أَقَمْتُها. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وسُئل عَمَّا فِي أَموال أَهلِ الذِّمَّةِ فَقَالَ العَفْو
أَي عُفِيَ لَهُمْ عَمَّا فِيهَا مِنَ الصَّدَقَة وَعَنِ العُشْرِ فِي غَلَّاتهم. وعَفا أَثَرهُ عَفاءً: هَلَك، عَلَى المَثَل؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَذْكُرُ دَارًا:
تَحَمَّلَ أَهلُها مِنْهَا فبانُوا، ... عَلَى آثارِ مَن ذَهَبَ العَفَاءُ
والعَفَاءُ، بِالْفَتْحِ: التُرابُ؛ رَوَى
أَبو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ عِنْدَكَ قوتُ يومِكَ فعَلى الدُّنْيَا العَفَاءُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وغيرُه: العَفَاءُ التُّرَابُ، وأَنشد بيتَ زُهَيْرٍ يَذْكُرُ الدارَ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: عَلَيْهِ الدَّبارُ إِذَا دَعا عَلَيْهِ أَنْ يُدْبِرَ فَلَا يَرْجِع. وَفِي حديث
صفوانَ ابنِ مُحْرِزٍ: إِذَا دَخَلْتُ بَيْتي فأَكَلْتُ رَغِيفًا وشَرِبْتُ عَلَيْهِ مَاءً فعَلى الدُّنْيا العَفاءُ.
والعَفَاءُ: الدُّرُوس والهَلاكُ وَذَهَابُ الأَثَر. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فِي السَّبِّ بِفيِهِ العَفَاءُ، وَعَلَيْهِ العَفاءُ، والذئبُ العَوّاءُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الذِّئْبَ يَعْوِي فِي إثْرِ الظاعِنِ إِذَا خَلَت الدَّارُ عَلَيْهِ، وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
إنَّ المُنافِقَ إِذَا مَرِضَ ثُمَّ أُعْفِيَ كَانَ كَالْبَعِيرِ عَقَلَه أَهلُه ثُمَّ أَرْسَلوه فَلَمْ يَدْرِ لِمَ عَقَلُوه وَلَا لِمَ أَرسَلوه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أُعْفِيَ الْمَرِيضُ بِمَعْنَى عُوفِيَ. والعَفْوُ: الأَرضُ الغُفْل لَمْ تُوطَأْ وَلَيْسَتْ بِهَا آثارٌ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: عَفْوُ الْبِلَادِ مَا لَا أَثَرَ لأَحدٍ فِيهَا بِمِلْكٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْيا أَرْضاً ميتَة فَهِيَ لَهُ
: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي عَفْوِ البلادِ الَّتِي لَمْ تُمْلَكْ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
قَبيلةٌ كَشِراكِ النَّعْلِ دارِجةٌ، ... إنْ يَهْبِطُوا العَفْوَ لَا يُوجَدْ لَهُمْ أَثَرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْر للأَخطَل؛ وَقَبْلَهُ:
إنَّ اللَّهازِمَ لَا تَنْفَكُّ تابِعَةً، ... هُمُ الذُّنابَى وشِرْبُ التابِع الكَدَرُ
قَالَ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ:
تَنْزُو النِّعاجُ عَلَيْهَا وهْي بارِكة، ... تَحْكي عَطاءَ سُويدٍ مِنْ بَنِي غُبَرا
قبيلةٌ كشِراكِ النَّعْل دارجةٌ، ... إنْ يَهْبِطُوا عَفْوَ أَرضٍ لَا تَرَى أَثرَا
قَالَ الأَزهري: والعَفَا مِنَ الْبِلَادِ، مقصورٌ، مثلُ العَفْو الَّذِي لَا ملْك لأَحد فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَقْطَعَ مِنْ أَرض الْمَدِينَةِ مَا كَانَ عَفاً
أَي مَا لَيْسَ لأَحد فِيهِ أَثَرٌ، وَهُوَ مِنْ عَفا الشيءُ إِذَا دَرَس أَوْ مَا